حول موقف المستشرقين من ابن تيمية

Picture of حسّان بن إبراهيم الغامدي
حسّان بن إبراهيم الغامدي

باحث في الثقافة الإسلامية

شهد سوق النشر العربي، في السنوات الأخيرة، ترجمة دراسات غربية متنوعة عن الإمام ابن تيمية رحمه الله، ملبيةً اهتمامًا متزايدًا للاطلاع على القراءات الغربية لاجتهاد ابن تيمية في مجالات الشريعة المختلفة، وهذا الأمر يضاعف من مسؤولية المتخصصين في تقويم هذه القراءات الاستشراقية.

قبل أن تصلنا هذه الترجمات، كان الباحث الدكتور أحمد بن حسن القرني، خريج برنامج الدكتوراة في مسار الثقافة الإسلامية، بقسم الدعوة والثقافة الإسلامية بجامعة أم القرى، يعمل على تقويم هذه الدراسات الغربية، بعد أن خاض تجربة مثيرة في نقل هذه الدراسات إلى اللغة العربية.

توّج الدكتور أحمد جهوده بإتمام رسالته للدكتوراة التي كانت بعنوان موقف المستشرقين من شيخ الإسلام ابن تيمية، والتي نوقشت بتاريخ 7 / 9 / 1441هـ.

أجريتُ معه هذا الحوار حول رحلته مع الرسالة، والذي أرجو أن يكون مفيدًا وممتعًا.

لنبدأ من حقل الاستشراق، حدثنا عن السبب الذي دفعك لهذا المجال.

لم يكن لي قبل الدراسة في مرحلة الدكتوراة اهتمام كبير بالاستشراق، وفي السنة المنهجية بدأ اهتمامي من خلال توجيه الدكتور محمد السرحاني لنا لدخول هذا الحقل العلمي والبحث فيه.

كانت لي اهتمامات فكرية قبل ذلك، أعني قراءات متناثرة في مجال الأفكار ومنهجيات التفكير، لكني لم أهتم بحقل الاستشراق قبل الدراسة في برنامج الدكتوراة بقسم الدعوة والثقافة الإسلامية بجامعة أم القرى.

دراسة مادة الاستشراق في السنة المنهجية فتحت لي أبواب التعرف على أسماء المستشرقين وجهودهم، وتاريخ الاستشراق القديم منه والحديث، فهذه الدراسة مع اهتماماتي الفكرية السابقة، دفعتني لاختيار هذا الحقل البحثي.

إذًا كيف وصلت لهذا الموضوع تحديدًا؟

دعني أعترف أولًا بقصور معرفي في القراءة والاطلاع، لكن أثناء مرحلة البكالوريوس نسجتُ علاقةً خاصةً مع كتب ابن تيمية رحمه الله، وصرتُ ملازمًا لها ومداومًا على قراءتها ومراجعتها والاطلاع على جديد الشروحات والتعليقات على نصوصها.

في مرحلة الدكتوراة اقترح الدكتور محمد السرحاني حفظه الله قراءة بعض الدراسات الاستشراقية، وكان من ضمن ما اقترحه دراسةً عن ابن تيمية كتبها المستشرق الفرنسي هنري لاووست، وهو يعتبر الأقدم والأكثر اهتمامًا بين المستشرقين بعلوم ابن تيمية. اقتنيتُ الكتاب، وشرعت في قراءته، وبعدها قررت أن تكون دراستي عن ابن تيمية والمستشرقين.

هنري لاووست

ما كنت أتصور في ذلك الوقت أن الموضوع واسع وكبير، لكن حبي لابن تيمية رحمه الله وشغفي بكتبه، واهتمامي بعالم الأفكار والمناهج، دفعني لاختيار الموضوع رغم ضخامة التحديات، فلا ننسى أن ابن تيمية رحمه الله قد خاض غمار علوم متعددة، مثل الفقه والتفسير وعلوم الحديث، بل والفلسفة وعلم الكلام والمنطق وغيرها، وهو ما يتطلب بالضرورة إعدادًا معرفيًا متينًا، إلا أن رغبةً في داخلي هوّنت عليّ الرحلة رغم كل شيء.

 

لقد ناقشت في الرسالة أكثر من خمسين دراسة، وترجمت ما يقارب ألف صفحة قبل بدء البحث، حدثنا عن رحلتك في جمع هذه الأبحاث وترجمتها.

بدأت رحلتي مع البحث كأي بحث آخر، مراجعة الدراسات السابقة، وعندما وقفت على حجم الدراسات الاستشراقية عن ابن تيمية، ظننت أنني واجدٌ ولابد بحثًا ينظر في نتائجها ويسائل أصحابها، إلا أنني لم أجد أي دراسة في هذا الموضوع، وهو ما أثار استغراب لجنة القسم، فتأكد عزمي على السير في هذا البحث وتقييم القراءات الاستشراقية لابن تيمية رحمه الله.

اخترت أن أبدأ بأهم الشخصيات الاستشراقية المعاصرة اهتمامًا بابن تيمية، وهو الدكتور البريطاني جون هوفر، فقد ساعدتني صفحته الأكاديمية كثيرًا، إذ جمع فيها كل ما يعرفه من عناوين الدراسات والأبحاث عن ابن تيمية، وهالني عدد الأبحاث ومجالاتها المتعددة العابرة للتخصصات التي درست ابن تيمية.

د. جون هوفر

أخذت هذه العناوين وبدأت رحلة اقتناءها، مفتشًا عنها بحثًا بحثًا، في قواعد البيانات، وصفحات الجامعات، ومواقع الباحثين، ودور النشر، ثم أوصلتني هذه العناوين إلى عناوين أخرى لم يشملها جمع الدكتور جون هوفر، فاستغرقت خمسة أشهر في جمع هذه الدراسات واقتناءها. وقد كلفني هذا الأمر كثيرًا، إذا أن عددًا غير يسير من هذه الأبحاث يكون داخل كتب جماعية، فاضطررت إلى شراء كتب كاملة لا علاقة لها بابن تيمية سوى في بحث أو بحثين، لكني حرصت على جمع كل ما كُتب حتى لو لم أتعرض له لاحقًا في دراستي، إذ استبعدت بالفعل عددًا منها بعدما حددت التعريف الإجرائي في الرسالة.

ثم بعد ذلك واجهت مشكلةً أكبر، وهي ترجمة هذه الأبحاث. شكّلتُ أولًا لجنةً استشاريةً للترجمة، تكونت من الدكتور مختار حسن من جامعة الطائف، والدكتور حسن مصطفى من جامعة الملك خالد، والدكتور مجيد الطيب من جامعة أم القرى. اقتصر عمل اللجنة في البداية على مساعدتي في ترجمة العناوين والفهارس، والتأكد من دخول البحث في حدود الدراسة، لكن توسعت أدوارها لاحقًا لتشمل إرشادي إلى كثير من المترجمين المميزين، ومراجعة ترجماتهم، وتقييمها.

سافرت إلى الأردن ومصر والتقيت بالمترجمين، ومكثت فيهما أيامًا لمقابلة المترجمين والتأكد من معرفتهم بالحقل العلمي، كما كان علي مفاوضتهم على المقابل المالي للترجمة من دون التهاون في معيار الجودة، إذ أن بعض المترجمين كانت أسعاره هائلة ولا تناسب غير دور النشر الكبيرة، بينما طلبي في الترجمة فردي ولأغراض بحثية، وعلى كل حال فقد كلفتني هذه الترجمة كثيرًا.

أخذت عينات من ترجماتهم وذهبت بها إلى لجنتي الاستشارية، وبعدها حددت عددًا من المترجمين وشرعنا في العمل والحمدلله.

كل باحث غربي أو عربي يدرس تراث ابن تيمية ويتناول فتاواه من خلال مناهج وأساليب الاستشراق المعاصر . كان هذا تعريفك الإجرائي لـالمستشرق، ومع ذلك استبعدت الباحث البلجيكي المسلم يحيى ميشوت، فهل المنهج هو المؤثر أم الديانة هي المؤثرة؟

ما تزال هذه القضية شائكة محليًا في الدارسات الاستشراقية، وهي قضية من يتناولهم اسم الاستشراق، فهل يدخل في مسمى الاستشراق الباحث العربي الذي درس وتتلمذ على يد عدد من المستشرقين أو يدرّس في جامعات غربية؟ وهل الباحثين الغربيين الذين أسلموا يدخلون تحت اسم الاستشراق؟ هذه المسألة ليست محل اتفاق بين الباحثين، فحاولت تحديد تعريف إجرائي مقبول في العموم ويتناول الأسماء التي أريد تناولها وخصوصًا الأسماء التي لها تأثير كبير في دراسة ابن تيمية، وقد وجدت أن كثيرًا من المتخصصين يمنعون من إدخال الباحث الغربي الذي أسلم في خانة المستشرقين بحكم أن أهم دوافع الاستشراق دينية، فأخرجت يحيى ميشوت، كما أن له أبحاثًا كثيرةً عن ابن تيمية تستحق أن تخصص لها دراسة خاصة بها، وقد جمعت له أكثر من ثلاثين بحثًا متعلقًا بابن تيمية، فمعرفة موقفه، وآرائه، جديرة بالدراسة، خاصة أن الاقتباس عنه في الدراسات الاستشراقية الحديثة كثير جدًا، بل له ترجمات لبعض نصوص ابن تيمية، وعلق على بعضها فاهتمامه بابن تيمية كبير ولا بد من مناقشته لأجل ذلك.

كتاب مترجم ليحيى ميشوت

بقيت الأسماء العربية، بعض هذه الأسماء لها بحث أو بحثين وليس لها ذلك التأثير الكبير في الحركة الاستشراقية، لكن هناك أسماء لها تأثير كبير، خرجت بنتائج عن تراث ابن تيمية تبنتها الحركة الاستشراقية، وحددتها بعدد من الأسماء واستبعدت البقية.

بالعموم حرصت أن الأسماء التي لها تأثير كبير ولها ظهور أن أضمها داخل بحثي.

وبخصوص قضية الدين، فأكثر الباحثين اليوم يحرصون على عدم التصريح بدينهم، ولو بحثت عن ديانتهم لأعياك البحث، فالمهم أنهم شاركوا الحركة الاستشراقية في تناول ابن تيمية متبنين لمناهجها.

قسمت المستشرقين الذين تناولوا ابن تيمية بطرق عديدة، فقد صنفتهم بحسب انتماءهم للدول التي ينحدرون منها، وقسمتهم من ناحية المناهج، وقسمتهم من ناحية المجالات التي اهتموا بها عند دراستهم للتراث التيمي، وقسمتهم من ناحية إنصافهم أو عدم إنصافهم لابن تيمية، ما التقسيم الأكثر ثراء من بينها، المنتج، الذي نستطيع أن نخرج منه بنموذج لفهم التناول الاستشراقي لابن تيمية؟

هذه التقسيمات موجودة في جميع الدراسات عن المستشرقين، سواء على المواقع الجغرافية أو الأفكار والمناهج التي يطرقونها، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت، وعدت بالزمن إلى الوراء، لبنيت الدراسة كلها على المناهج، إذ التقسيم على المناهج يجعل الدراسة أكثر تنظيمًا ويقلل من التكرار في مواطن عديدة.

لماذا صار الاستشراق الأمريكي هو الأكثر اهتمامًا بابن تيمية، رغم افتقاره إلى التاريخ والتقاليد بالمقارنة مع المدارس الاستشراقية الأخرى؟

لا تنس أخي حسان أن الاهتمام بابن تيمية حديث، والدراسات عن ابن تيمية في القرن الماضي يسيرة جدًا، ولا ننسى أن السلطة والنفوذ والقوة اليوم لأمريكا، مما يجعل الأكاديمية الأمريكية هي الأكثر نفوذًا واتساعًا، وأكثر مدارس الاستشراق نتاجًا، وأكثرها حضورًا في الجامعات والمؤسسات البحثية، بل حتى الباحثين الأوروبيين اليوم يسعون للالتحاق بالجامعات الأمريكية. كما يجب ألا نغفل عن الروابط الكثيرة بين فعالية الاستشراق والحضور السياسي لدُوَلِه، فبما أن الاهتمام بابن تيمية حديث، والهيمنة اليوم لأمريكا، صار الاستشراق الأمريكي هو الأكثر اهتمامًا والأكثر إنتاجاً حول ابن تيمية، على الرغم من صلابة ومتانة الإنتاج الألماني والبريطاني إلى اليوم.

من المثير أن مواقف المستشرقين من ابن تيمية وقراءتهم لتراثه شديدة التباين، فلا نكاد نجد رأيًا لأحدهم إلا ولغيره ما يناقضه داخل الاستشراق. لم نُصرّ حتى الآن على تسميتهم مستشرقين، لم لا نعتبرهم مجرد باحثين في الدراسات الإسلامية؟

لا أخفيك في تردد نفسي من هذه النقطة، لأن تيار الاستشراق حتى عند الباحثين المعاصرين له مسلمات وأهداف كلية ومناهج عامة، لا زالت تنطبق حتى اليوم. ففي الواقع أجد صعوبة في تجاوز مسمى الاستشراق والمستشرقين.

ذكرت أن المستشرقين يصفون بعض اجتهادات ابن تيمية بأوصاف من خارج اللغة الشرعية المعتادة، مثل البرغماتية، والمثالية، والمادية، والصراع، والنفوذ، والديناميكي، والطقوس، والحرب مقدسة. ما المشكلة في استخدام هذه المصطلحات اللي قادمة من العلوم الإنسانية في توصيف اجتهادات ابن تيمية؟

ينطلق الباحث في تناول أفكار غيره من خلفيته الفكرية التي لا يستطيع التحرر منها، وهو ما أدهشني في المعالجات الاستشراقية للتراث التيمي، فبعض آراء ابن تيمية رحمه الله يكون دليله الأول والأوضح في بناء هذا الرأي الوحي لا غير، إلا أن المستشرق يبرر رأي ابن تيمية من خلال مصطلحات قادمة من خارج الحقل التراثي، وتكون غير معبرة عن المكون التعبدي في اجتهاد ابن تيمية رحمه الله.

كما أن ابن تيمية من أكثر العلماء اعتناء بذكر مقاصد الأوامر الإلهية في الصلاة والزكاة والحج والأخلاق والجهاد وغيرها، وذكر المنافع التي تجلبها الأوامر الإلهية، إلا أن المنافع التي جاءت بها الشريعة ليست هي المنافع التي يعرفها الفكر الغربي، فهناك فرق بين المنفعة والمصلحة المستندة للوحي، والمنفعة والمصلحة التي هي نتاج الفكر البشري وحده، فتجد المستشرقين ينحون ذلك جانبا ويبحثون عن كلام ابن تيمية حول المصالح المادية.

ويفسرون ردود ابن تيمية على الفرق والطوائف من باب التسلط والنفوذ والصراع بين الطوائف. وفي مسألة الاجتهاد والتقليد ينظرون إلى دعوته للاجتهاد بوصفها محاولة لإثبات نفسه، وإظهار قدراته، ومقاومة لهيمنة العلماء المذهبيين. فانظر كيف يعملون على تكييف العمل التيمي بعيدا عن الغايات التي قصدها ابن تيمية، من خلال أدوات العلوم الإنسانية.

الفصل المتعلق بالأخلاق والنظم هو أكبر فصول الكتاب، وهو الفصل الذي ناقشت فيه بشكل واسع آراء هنري لاووست. حدثنا عن هنري لاووست باعتباره أول من أسس دراسات ابن تيمية داخل الحقل الاستشراقي، ولا زالت دراساته مؤثرة رغم تقدمها ومجيء دراسات أخرى جديدة.

مثل ما ذكرت، هنري لاووست قد يكون أوسع من كتب عن آراء واجتهادات ابن تيمية، وتناول أكثر المجالات التي كتب فيها، سواء في العقيدة، أو في العبادات، أو في الحياة السياسية، أو في الحياة الاجتماعية. ووجدته قد قرأ مشروع ابن تيمية بشكل جيد ومنصف.

كتاب لاووست عن ابن تيمية في نسخته العربية

إلا أن من أهم النتائج التي وصل هنري لاووست إليها أن ابن تيمية اعتمد منهجًا انتقائيًا في مناقشة الآراء، سواء في العقيدة أو الفقه أو النظم الأخلاقية والاجتماعية والسياسية. بمعنى أن ابن تيمية ينتقي من أقوال مخالفيه ثم يعيد بناءها وتوليفها في معمار خاص به، وسماه المنهج الانتقائي أو الانتخابي. والحقيقة أن هذا المنهج له وجود في الفكر الفرنسي.

ابن تيمية ومخالفيه قد يتقاطعون بشكل غير مقصود، إذ يبحثون جميعًا داخل المجال الشرعي، لكن ابن تيمية ينطلق من النصوص الشرعية واجتهاداته الخاصة. وابن تيمية رحمه الله حين يناقش بعض الأقوال لمخالفيه، يناقشها بإنصاف، فيذكر ما فيها من الجوانب الصحيحة التي وافقوا فيها الحق، ويرد على الجوانب والآراء التي جانبوا فيها الصواب، لكن هذا لا يجعله متأثرًا بأقوالهم أو متبنيًا لها كما يحاول أن يصوره لنا لاووست، وقد أدى ذلك إلى غياب الدقة العلمية في تحرير أقوال ابن تيمية عند هنري لاووست أولًا ثم المستشرقين من بعده.

في الرسالة ذكرت بشكل جزئي شيء من تناول المستشرقين لحياة ابن تيمية، مثل تناولهم للجوانب النفسية لحياة ابن تيمية، كأثر خروجه من حران عند غزو المغول، أو محنة الواسطية على شخصيته ونفسيته، لكن أسألك عن الاستشراق وكتابة حياة ابن تيمية، ترجمته لابن تيمية، مثل ما نجد عند جون هوفر، كيف وجدت كتاباتهم هذه؟

لم أناقش هذا الجانب في الرسالة، وإن كان قد لفتني طبيعة تناول المستشرقين لحياة ابن تيمية وكتابتهم لسيرته، فمثلًا وجدت طرح هنري لاووست لحياة ابن تيمية ممتاز ودقيق، وهو يعتمد على المصادر الأهم التي ترجمت لابن تيمية سواء ترجمة ابن عبدالهادي، أو ترجمة ابن حجر، أو غيرهم.

كتاب جون هوفر عن ابن تيمية

بعض الأبحاث اقتصرت على تحليل آراء ابن تيمية في ضوء حياته الشخصية، وهو ما قادهم إلى نتائج غريبة حول شخصيته، معتمدين على معلومات قليلة وردت في تراجم ابن تيمية المختلفة. كمن يحلل آراء ابن تيمية حول المغول أو خلافه مع العلماء إلى أحداث حصلت في طفولته.

نعم أنا أسألك عن سردهم لحياة ابن تيمية فنحن نقرأ أحيانًا كتابات المستشرقين حول حياة العلماء المسلمين، فنجدها ممتعة ودقيقة، على عكس كثير من الأبحاث الأكاديمية العربية التي تتناول هذه الجوانب في صورة تقليدية بمباحث ثابتة، مثل الولادة والنشأة والشيوخ والتلاميذ والمؤلفات، فهل وجدت ذلك أو تخالفني.

طريقة عرض المستشرقين للسير عموما تختلف عن العالم العربي، وقد يكون من أسباب ذلك أن الدراسات هناك دأبت على الاختصار، وربما ساهمت طريقتهم الدراسية في إثراء برامجهم المتخصصة بمواد ذات طابع أدبي في ابتكار مداخل أفضل لسير الأعلام.

ولا يقتصر الأمر على التأليف، فجون هوفر مثلا له قناة على اليوتيوب يناقش فيها آراء ابن تيمية في مقاطع مختلفة، مدة كل مقطع لا تتجاوز خمس دقائق مركزة، فيها عمق وتشويق.

كتاب جون هوفر في نسخته

والحقيقة أن على الباحثين ومراكز البحث في الفكر الإسلامي واجب الاهتمام بإظهار فكر ابن تيمية بمثل هذه الوسائل، فرغم جهود الباحثين والعلماء داخل أروقة الجامعات والمساجد، إلا أن مشروع ابن تيمية في حاجة ماسة إلى تقديمه في دوائر أوسع وبطرق أكثر، فنحن أولى بابن تيمية رحمه الله من المستشرقين، ولذا لابد علينا من تعلم الأساليب الحديثة، ومن الاجتهاد في استثمارها.

شارك الصفحة

التعليقات

    December 5, 2021

    ماشاء الله تبارك الله مقالة تشوقت لقراءة الرسالة جدًا ..

    0
    0
    December 5, 2021

    جميلة ..

    0
    0
    December 21, 2021

    وقع الشيخ في الفخ باستبعاده يحي ميشوت

    0
    0
    December 21, 2021

    تراث ابن تيمية محيط لايدخله الأمن يجيد الغوص للأعماق والا غرق وأغرق من تبعه

    1
    0
      December 21, 2021

      أول حوار تكون فيه الأسئلة أعمق وأكثر من الإجابات!

      0
      0
    June 20, 2023

    جميل، بارك الله في علمك دكتور حسان، وبارك في المضيف على الأسئلة العميقة

    0
    0

المزيد من الحوارات