التغطيات

مكتبة جامعة الملك سعود

قبل البداية

“كانت العجم تقيّد مآثرها بالبنيان والمدن والحصون، مثل بناء ازدشير وبناء اصطخر وبناء المدائن والسّدير والمدن والحصون، ثم إن العرب شاركت العجم في البنيان، وتفرّدت بالكتب والأخبار والشعر والآثار، فلها من البنيان غمدان وكعبة نجران وقصر مارد وقصر شعوب والأبلق الفرد وغير ذلك من البنيان”.

هكذا سجّل الجاحظ قوله عن المآثر الخالدة والتي ينبغي أن تُخلّد، فعقلاء الأمم السابقة أدركوا مهمتهم في إبقاء المعرفة أكبر وقت ممكن يتوارثها روّادها وينهلون منها وبها؛ ليشيّدوا العلوم المتراكمة ويبنوا فوقها من المعارف ما لا يبنيه إلا تتابع العمر ومرور الزمان. وفي هذا امتدح أبو عثمان التصنيف والكتاب لطول عمره وجودة حفظه حيث قال: “وتصنيف الكتب أشدُّ تقييداً للمآثر على ممرّ الأيام والدهور من البنيان، لأن البناء لا محالة يدرُس وتعفى رسومه، والكتاب باقٍ يقع من قرن إلى قرن ومن أمة إلى أمة، فهو أبداً جديد، والناظر فيه مستفيد، وهو أبلغ في تحصيل المآثر من البنيان والتصاوير”.

مرّ الزمان وتوالت السنون ونشأت المكتبات العامة والخاصة، وأوقف العرب والمسلمون لأجل العلم والكتاب أوقافاً، ودعموا التصانيف فتلونت وانتعشت حتى وصلتنا اليوم، وصارت منهلاً للسابق واللاحق وتتابعت سُنّة التصنيف والتأليف، حتى لو أقلّت الكتب جبالاً لوسعتها، يديم الله منها الصحيح وهو غزير ويحيي من السقيم تصانيفًا بنقد أرباب التخصصات فتكون كحيّ خرج من ميت، فبها وفُرت الكتب وكان واجب الأمم الاعتناء بها وحفظها وتنظيم طريق للوصول لها.

وهنا في المملكة العربية السعودية نشأت المكتبات العامة والخاصة، حتى جاء دور المكتبات الجامعية التي ارتبط تاريخ انبثاقها مع تاريخ التعليم العالي، ففي عام 1331هـ نشأت كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في مكة المكرمة وتعد حجر الأساس للتعليم العالي في البلاد. تلتها العاصمة الرياض ففي عام 1333هـ افتتحت كلية الشريعة ثم اللغة العربية في العام الذي يليه (1334هـ)، أنشئت بعدها كلية العلوم الاجتماعية والمعهد العالي للقضاء وزُودت بالمصادر المتخصصة في علوم الشريعة والعربية والعلوم الاجتماعية، فكانت المنطلق الأول لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

أما جامعة الملك سعود فهي من أُولى الجامعات نشأةً حيث تأسست عام 1377هـ وكان هذا العام هو تاريخ تأسيس أول مكتبة جامعية فيها. شيئًا فشيئًا حتى أصبحت مكتبة جامعة الملك سعود رائدة لطلاب المعارف والباحثين تزوّدهم بما يحتاجونه من مصادر ومراجع علمية ثمينة، كان يدير نظامها “إدارة المكتبات” حتى تأسست عمادة شؤون المكتبات بجامعة الملك سعود عام 1394هـ.

جامعة الملك سعود

ليست واحدة

“ليست واحدة” هكذا وصفنا ما أطلَعنا عليه: أ. موسى الزهراني -رئيس قسم العلاقات العامة بمكتبة الملك سلمان المركزية- حيث أن المكتبة الجامعية تضم 12 مكتبة: مكتبتان مركزيتان (مكتبة الملك سلمان المركزية ومكتبة الأميرة سارة المركزية للطالبات) و10 فرعية تتوزع في بعض الكليات الطبية والسنة التحضيرية المشتركة ومكتبة في مستشفى الملك خالد الجامعي. إضافة إلى المكتبات التي أنشأتها الجامعة خارج منطقة الرياض.

بلغ مجمل مساحة المكتبات (85.436) متر مربع. ويستفيد من هذا الثراء المعرفي أكثر من نصف مليون مستفيد ما بين ذكور وإناث، مجموعهم بالتحديد (528.538) مستفيد سنوي وذلك حسب تقدير البوابات الأمنية الإلكترونية. 

المركزيتان

لكل شيء من اسمه نصيب فمركزية مكتبة الملك سلمان والأميرة سارة تجعل الذهن ينصرف إليهما فقط عند الحديث عن مكتبة جامعة الملك سعود، وكما ذكرنا سابقاً أنهما ليستا الوحيدتان فهناك 10 مكتبات فرعية في الجامعة.

عندما تدخل مكتبة الملك سلمان المركزية سيلفتك البناء المتناسق المتناسب مع طبيعة المكتبة وأجوائها، وستجد في مقابلك (الاستقبال) لرصد عدد الزوار كعادة المكتبات، ثم تسيح في مساحة تقدر بــ 52000 متر مربع، بناء المكتبة مكوّن من 6 طوابق، تتوزع فيها أقسام المكتبة التي تحتضن أكثر من مليون ونصف مجلد. ومجمل عدد المقاعد فيها 1500 مقعد، وبلغ عدد روّادها في التقدير السنوي 460.835 رائد.

وفي حديث عن المكتبة مع شادية البلوي -باحثة دكتوراه في تخصص التاريخ الإسلامي- سألناها عن انطباعها عن مكتبة الملك سلمان فأخبرتنا بأن: “المكتبة ممتازة جداً، وفيها أغلب المراجع التي أحتاجها باللغتين العربية والانجليزية، وتتميز بهدوئها المعين على الإنجاز وتعامل موظفيها الراقي جدا“.

مكتبة الملك سلمان المركزية

أما مكتبة الأميرة سارة بنت عبد الله بن فيصل آل سعود والتي تقع داخل شطر الطالبات والمخصصة لمنسوبات الجامعة، فإنها تتميز بالعدل في موقعها حيث أنها تتوسط الكليات، فهي تقع ما بين الكليات الطبية وكليات العلوم الإنسانية والإدارية، وتواجه بهو الجامعة الذي يحوي مكاتب العمادة في شطر الطالبات.

مكتبة الأميرة سارة

أما مع العتبة الأولى للدخول للمكتبة فلعشّاق القهوة وقفة ولابد، رائحتها تستقبل روّاد المكتبة، حيث يقع المقهى شمال الداخل للمكتبة في ساحة الاستقبال، وبجانبها دار جامعة الملك سعود يباع فيها إصدارات للجامعة قيّمة. وفي بهو المكتبة ستقابلك “اقرأ باسم ربك الذي خلق” مذكرة بأساس المكتبات.

بهو مكتبة الأميرة سارة

تحتوي المكتبة على أربعة طوابق تتوزع فيها أقسام الكتب ما بين عربي وإنجليزي ورسائل جامعية وغيرها، ومساحتها تبلغ 27.250 متر مربع وتحوي أكثر من نصف مليون كتاب، ويرتادها بحسب التقدير السنوي حوالي 7.903 رائدة، يستقبلهم ضمن التجهيزات 1.018 مقعد. تفتح مكتبة الأميرة سارة أبوابها في تمام الساعة 8 – 4م.

والمكتبتان مهيأتان بمقاعد وبأجهزة الحاسب ليسهل البحث والوصول للمرجع المطلوب، وفي كلاهما تتوزع الطاولات والمقاعد قرب الأرفف لتساعد الباحث والقارئ في الوصول للقسم الذي يرغب بالاطلاع عليه. وأيام العمل فيهما من الأحد حتى الخميس.

تلك عشرة كاملة

ما إن يستهل نظم مشروع إلا وتجرّ اللؤلؤة أختها، فروع عمادة شؤون المكتبات بلغت العشر مكتبات بمجموع مساحة تقدر بـ 6186 متر مربع، وبلغ عدد روادها في التقدير السنوي (59.800)، تخدمهم هذه المكتبات بكتب ثمينة تخصصية بحسب الكلية والتي بلغ مجموعها (650.931) كتاب. وتتوزع هذه المكتبات في عدد من الكليات:

  • مكتبات الكليات الصحية (كلية الطب ومستشفى الملك خالد الجامعي، كلية العلوم الطبية للطلاب وكذلك أخرى في شطر الطالبات، وكلية التمريض للطالبات، وكلية طب الأسنان للطالبات) وتقع هذه المكتبات داخل الكليات في المدينة الجامعية.
  • مكتبة كلية الدراسات التطبيقية وخدمة المجتمع للطلاب، وتبلغ مساحتها 420 متر مربع.
  • مكتبة كلية خدمة المجتمع، والتي تقع في شارع الستين، وتقدّر مساحتها بـ 500 متر مكعب.
  • مكتبة كلية الدراسات التطبيقية وخدمة المجتمع للطالبات، ومساحتها تقدر بـ 2.027 متر مربع.
  • مكتبة السنة الأولى المشتركة (المسماة التحضيرية سابقاً)، ومساحتها 682 متر مربع.
  • مكتبة مستشفى الملك عبد العزيز الجامعي.

مكتبة المليون وعاء

“التميز عالمياً والريادة عربياً في مجال المكتبات والمعلومات”، مع رؤية كهذه لعمادة شؤون المكتبات بجامعة الملك سعود لم نتعجب عندما علمنا أن مكتباتها تضم في أوعية المعلومات أكثر من مليون عنوان، وتحديداً (1.224.666) عنوان تقع في (2.346.207) مجلد، كما رُصد في التقرير السنوي لعمادة شؤون المكتبات للعام 1442هـ. ومجموع الكتب العربية والأجنبية بلغ (929.586) عنوان تقع في (1.795.078) مجلد. وتتبع العمادة في تصنيفها للكتب نظام ديوي العشري.

وتتنوع الأوعية فيها فمن ضمنها الرسائل الجامعية، التي تعد معظمها من نتاج الباحثين في جامعة الملك سعود، ومن بينها أيضا الدوريات، والوسائط الرقمية والمصغرات الفيلمية وغيرها.

ولم تغفل الجامعة العريقة مخطوطات التراث الإسلامي، فهي تعدّ مصدراً معرفيّاً يؤمن به العلماء والمثقفين، ترجمت عمادة شؤون المكتبات اهتمامها بالمخطوطات بتملكها لقرابة (89.525) مخطوطة ووثيقة، وقد أُسس قسم المخطوطات بعد تأسيس المكتبة بـ13 سنة أي في عام 1390 هـ، ومن وظائف القسم: جمع النسخ الأصلية والمصورة وحفظها وصيانتها وفهرستها وإتاحتها للمهتمين من طلاب المعرفة والباحثين والمحققين.

وفي المكتبة شعبة ثمينة تحوي من الكتب النوادر تدعى شعبة (المجموعات الخاصة) والتي يمتد عمر المطبوعات فيها إلى أكثر من 370 عام وتضم هذه الشعبة: المكتبات التذكارية، والأطالس، والكتب محدودة الاطلاع، والمطبوعات النادرة التي نشرت في الخمسين إلى المائة سنة الأولى من تاريخ الطباعة. وقد بلغ مجموع عناوين هذه الشعبة (38.890) تقع في (63.803) مجلد.

وصل عدد المكتبات التذكارية إلى 13 مكتبة خاصة ووقفية لشخصيات بارزة وهم:

  • الشيخ سليمان المطرودي صاحب أكبر مكتبة وقفية داخل المكتبة الجامعية حيث بلغ عدد نسخها (10.422) نسخة تقع في (6.995) عنوان، والشيخ عمر آل الشيخ، والشيخ العلامة حمد الجاسر، والشيخ محمد العبيكان ،والعلامة خير الدين الزركلي، ود. عبد العزيز الخويطر، والأستاذ وليد الظاهر، ود.عبد الله العسكر، ود. نورة الشملان، والأستاذ تركي السديري، ود.محمد الجبر، والشيخ محمد العقيلي، وأ.د. حمود البدر.

وفي زاوية أخرى وأنت تتجول في مكتبة الملك سلمان المركزية ستجد في الطابق الثالث وحدة (الخرائط) والتي تضم (812) عنوان تقع في (1246) نسخة، الخرائط متوفرة لدول العالم وبلغتين العربية والإنجليزية ، وستجد خرائط للمدن الكبرى في السعودية ولقراها وهجرها.

الخدمات

في مكتبات جامعة الملك سعود لن تسمع جعجعة، فالهدوء يعمّ المكان والخدمات موفورة لمنسوبي الجامعة ولغيرهم من الباحثين، فعدد الخدمات للروّاد بلغ 11 خدمة منها ما نراه عند زيارتنا للمكتبة كالخدمات المرجعية التي بلغ إجمالي عددها (100.557) خدمة مرجعية والتي تضم: (إرشاد المستفيدين، وتيسير البحث الآلي عن الكتاب، والإرشاد إلى المراجع، والدورات التدريبية، وتأجير المقصورات الدراسية وصيانتها)، وتتميز المكتبات المركزية بالمقصورات الدراسية (الخلوة) التي بلغ عددها 102 مقصورة تمكّن الروّاد من مزايا عدة كما تقول (ن.م): “الخلوة أعطتني خصوصية أستطيع أقول أني أنجزت 70% من بحثي في الخلوة، ساعدني الهدوء على التركيز وأفادني كثيرًا قرب المراجع والخدمات المرافقة كتوفر المقهى في الطابق الأرضي” سألناها عن السعر لاستئجار الخلوة فأجابت: “كانت تجربتي لفصل دراسي، الخلوة تضم مكتب خاص مع خزانة بمفتاح بسعر مناسب جدا“. أما أ.موسى الزهراني فقد أخبرنا بأن أسعار المقصورات متفاوتة ورمزية تناسب الطلاب وغيرهم.

يتوفر في مكتبة الملك سلمان المركزية 90 جهاز حاسب آلي بينما في مكتبة الأميرة سارة 57 جهاز، إضافة للأجهزة في الفروع الأخرى مع توفر شبكة الانترنت، فيتمكّن الزائر من البحث الآلي واسترجاع المعلومات من خلال النظام الآلي لمكتبات الجامعة أو الإنترنت، وكذلك تمكّنه من الوصول لقواعد المعلومات المتاحة في جميع مكتبات الجامعة.

أما “الإعارة” الخدمة التي يعرفها كثير من الباحثين فهي ميسّرة بضوابط للمحافظة على الكتب وبتواريخ إرجاع يستطيع المستعير بعده أن يجدد الاستعارة إن كان يحتاج لوقت إضافي، ومن مهامها: توفير الإعارة المتبادلة بين المكتبات من خلال شعبة المراجع. ولأن ثمة مراجع ثمينة لا يمكن إعارتها فهناك خدمة التصوير والتي يحتاجها الروّاد لأجل هذا الغرض ولأغراض بحثية أخرى، ويتوفر التصوير الفوتوغرافي الملون وغير الملون، كما توفر هذه الخدمة التصوير الرقمي للصحف.

عندما دخلنا مكتبة الأميرة سارة رأينا مسار المشاة الخاص بالمكفوفين، فأدركنا أن بالمكتبة خدمات خاصة، وفي أقرب بحث لموقع عمادة شؤون المكتبات تتأكد من توفر الخدمات لذوي الاحتياجات الخاصة في المكتبين المركزيتين.

وكما أطلعنا فريق العلاقات العامة في مكتبة الملك سلمان على أسماء الأجهزة المتوفرة لذوي الاحتياجات الخاصة: (أجهزة حاسب آلي تعمل باللمس، وأجهزة للبث مع سماعاته، وأجهزة للحاسب الآلي مزودة ببرامج قارئة، وسماعات لا سلكية، وقواعد شحن السماعات اللاسلكية، وأجهزة برايل سينز، وأجهزة تكبير محمولة، وطوابع برايل، وأجهزة ماسح ضوئي قارئة، وأجهزة تكبير مكتبية، وكاميرات قارئة تقوم بتحويل نصوص pdf إلى word). وفي التقرير السنوي لعام 1442هـ رصدوا 623 مستفيد ومستفيدة من قاعتي ذوي الاحتياجات الخاصة.

وفي وحدة المخطوطات تتوفر خدمات عديدة من أبرزها: (توفير الاطلاع وتقديم الخدمات المرجعية في هذا المجال، وتصوير المخطوطات إما بالميكروفيلم أو الماسح الضوئي، والتصوير الرقمي، وإدخال بيانات الوثائق الخطية في قاعدة البيانات، وفهرسة وتصنيف المخطوطات والوثائق…)، كما يوجد شعبة متخصصة في الصحف لفهرستها وتصنيف المجلدات الصحفية القديمة، وتقدم هذه الشعبة خدماتها للباحثين وتمكّنهم من الاطلاع على الأرشيف القديم، وتتيح كذلك خدمة المعلومات الصحفية الرقمية. وفي المكتبة وحدة للعمليات المتخصصة تقوم بفهرسة وتصنيف أوعية المعلومات (كتب، مراجع، رسائل جامعية…).

الدخول له عبر الرابط : خدمات المستفيدين | عمادة شؤون المكتبات (ksu.edu.sa)

سمعنا عن الهدايا بين الأفراد كثيرًا، لكن هل سمعتم عن هدايا بين مؤسسات تعليمية كالمكتبات؟

تقدّم جامعة الملك سعود الهدايا من مطبوعاتها لمراكز البحوث والجامعات والمؤسسات التعليمية سواء داخل الوطن أو خارجه، وكذلك تتبادل معها الكتب والمجلات العلمية، وهذا الإهداء والتبادل يشمل العديد من التخصصات. وفي التقرير السنوي لعام 1442هـ جاء عدد الإهداءات التي قدمتها الجامعة من الكتب والدوريات قرابة (2.182) بينما التبادل بلغ (2.237).

يحيط تلك الخدمات رعاية وحدة تقنية المعلومات والتي تشرف على النظام الآلي لمكتبات الجامعة وتقدم الدعم الفني، وتعمل على صيانة الأجهزة، وتشرف على تركيبها وتوزيع الكبائن ونقاط الشبكة كما تشرف على البوابة الإلكترونية للعمادة وتقوم بتحديث محتواها. ومن مهامها الإشراف على قواعد المعلومات المشترك بها وقد بلغ عددها 168 قاعدة معلومات من قبل المكتبة السعودية الرقمية (SDL) بينما عدد المجلات الرقمية يقدر بــ (123.670) مجلة علمية. ومن نتاج هذه الوحدة البوابة الإلكترونية للعمادة على الانترنت وتحتوي هذه البوابة على التفاصيل حول عمادة شؤون المكتبات ويحدّث دورياً.

كما توفر هذه البوابة خدمة للبحث السريع في الفهرس المتاح على الخط المباشر باللغتين العربية والإنجليزية.

رابط الفهرس الآلي: www.access.library.ksu

كما توفر رابطًا مباشرًا للمكتبة الرقمية السعودية لقواعد المعلومات العربية والأجنبية بالنصوص الكاملة.

 الرابط المباشر : https://sdl.edu.sa/

في عمادة شؤون المكتبات وحدة للتدريب تتعاون مع وحدة المكتبات في تدريب الطلاب ميدانيا، وتقدم الدورات لمنسوبي الجامعة وللعامة، كما تقدم المشورة الفنية والخدمات المكتبية للهيئات والمؤسسات والوزارات الوطنية والخليجية والعربية عند طلبهم لها. وعلاوة على ما ذكرنا من الخدمات فإن عمادة شؤون المكتبات تقوم باستقبال الوفود الرسمية والزيارات، وتنظّم الفعاليات الثقافية والأنشطة التعليمية.

غلاف مكتبة الملك سعود

من خلف الستار؟

شروق الحاتم -مساعد إداري بمكتبة الأميرة سارة المركزية- عددنا كلماتها نموذجًا لمكانة المكتبة لدى كثير من منسوبيها حيث قالت فيها:

أحب المكتبة جداً بهدوئها، جرّبت العمل في أكثر من مكان بالجامعة لكن وجدتها الأفضل، الزائرات مثقفات قولًا وعملًا باحترامهم وذوقهم يدفعني إلى تزويدهم برقمي الخاص لخدمتهم، حتى لو لم يستطيعوا القدوم للمكتبة“.

كما أوضح رأيه لنا أ. محمد العمر والذي يعمل في مكتبة الملك سلمان المركزية حيث قال: “المكتبة ولله الحمد والمنه تحظى ببيئة عمل جيدة جداً لهذا السبب نخدم كافـة زوار المكتبة على أكمل وجه ونوفر جميع الخدمات التسهيلية للزائر والباحث“.

تحمِلنا أقوالهم للبحث عمّن خلف الستار، كم عدد الأيادي التي تعمل في جميع المكتبات؟

يقف خلف هذا العمل الدؤوب سبع وعشرون وحدة وشعبة للعمليات الفنية والخدمات المكتبية والشؤون الإدارية والمالية والخدمات المساندة. وقد بلغ عدد العاملين 334 موظف وموظفة من المتخصصين وأولي الخبرة في المكتبات والمعلومات تتفاوت ساعات عملهم بحسب المكتبة فمكتبة الملك سلمان المركزية يعملون 14 ساعة وفي مكتبة الأميرة قرابة 9 ساعات، والمكتبات الفرعية 8 ساعات.

بمثل هذه الصروح تشيّد الأمم، وتبنى الأمجاد، وترفع الرؤوس بالمعالي شامخة، فهي سلاح الديار إن نهل منها قاطنوها، فلا يذِّلها باغي ولا يقهرها عدو.. دامت زاخرة وبعز الكتب عامرة.

شارك الصفحة
المزيد من التغطيات
نستعرض أحد التجارب المجتمعية الفريدة في الاستفادة من فن الرواية.
تخرج الفتاة بنهاية البرنامج وعندها مشروع لمجتمعها.
وضع نصب عينه شعارًا فريدًا هو: نقل المعرفة من السطور إلى الآذان.

مكتبة جامعة الملك سعود قراءة المزيد »

توظيف الرواية في البرامج القرائية | تجربة برنامج مجتمع القراء

“ما الكتاب الذي تحلم يوماً بكتابته؟”

يطرح هذا السؤال في أحد المجالس مع ثلة من القراء المخضرمين الذين لطالما حلمت أن تجالسهم، خاصةً لو ضمّ المجلس واحد أو اثنان من الأشخاص “الموسوعة” إياهم الذين قرأوا في كل شيء وأي شيء مع ما يملكون من ملكة التحليل والاستنباط والربط، أولئك الذين يعتبر الاستماع لهم متعة في حد ذاتها، والحديث معهم قلق مخجل – من طرفك- لأنه يكشف لك جهلك المركب.

تؤثر الصمت لكنك تُسأل عن إجابتك، تحاول أن تستحضر ردّاً يليق بالقامات التي تحيط بك، وتقلب في ذهنك أنواع العلوم ودقائقها. لكنك تستسلم أخيراً وتحسم أمرك بتنهيدة قائلاً إنك لو أتيحت لك الفرصة، لكتبت رواية خالدة.

يتنامى شعور بالخزي من النظرات التي أحاطت بك لحظتها، ولم يخلو المجلس من تعليق حول ضياع الأعمار، أن يكون أثرك من الدنيا “حدوتة” مراهقين!

 يحاول رفيقك – الذي شعر بأنك تسخر منه- أن يغير الموضوع، لكنك تقرر استغلال فرصة صمت المجلس بأن تحكي لهم عن أحد التجارب المجتمعية الفريدة في توظيف هذا الفن العريق:

لا يختلف اثنان على أهمية الأسلوب القصصي في التاريخ الإنساني، إن أغلب الموروث الثقافي لدى الأمم هو القصص والأساطير، كما أن القرآن الكريم قد اتخذ من القصص أسلوباً أساسياً في الدعوة إلى الله وتثبيت النبي والمسلمين وبيان دروس لم تكن لتؤتي أثرها نفسه إلا بنقل التجربة الإنسانية كما هي، بمشاعرها ومواقفها وخلجاتها.

لكن نشأة الخلاف تكمن في القصص الخيالية المطوّلة، ما يسمى اليوم بأدب الرواية، فبينما يعتبرها البعض متنفساً وفنًا يؤثر في مختلف مجالات حياة المجتمعات، يراها البعض الآخر مضيعة للوقت والورق، بل يصل إلى مرحلة عدم تسمية من يقرأ الروايات بـ”القارئ”.

وقد أنصف بهاء طاهر الرواية ضمن مقدمة كتابه “في مديح الرواية” قائلاً: “الرواية فن له مكانته وخطره في المجتمعات المتحضرة.. هي بطبيعة الحال ليست منشورات سياسية، ولا وصفة لعلاج الأخلاق أو النفس، وهي لا تقدم إجابات عن الأسئلة التي يضني الفلاسفة أنفسهم في بحثها، ولكنها تشمل شيئاً من ذلك كله وتتجاوزه، وتأثيرها أبقى لأنه أبطأ وأكثر نفاذاً للنفس.”[1]

توظيف الرواية

مجتمع القراء

يجدر بنا في هذه الحالة استعراض أحد التجارب المجتمعية الفريدة في الاستفادة من فن الرواية، وهي تجربة برنامج “مجتمع القراء” والذي أقامته شركة سمو المجتمع في مدينة الخبر

تحكي أ. بينة القحطاني صاحبة البرنامج عن الانطلاقة قائلة: ” كانت رغبة منا أن يكون هناك مجتمع تجتمع فيه القارئات ويحققون شغفهم في مناقشة الكتب، فغالباً الإنسان عندما يعجبه كتاب يحب ويتحمس أن يناقشه من يماثله ويسمع وجهة نظر أخرى، كما تتناول قطعة حلوى وتود أن تشارك حلاوتها كل من تحبه، كذلك الكتاب الجيد يجعلك تتمنى لو ذاق حلاوته العالم بأسره. ففي مجتمع القراء حرصنا أن نوفر هذه البيئة، أن يكون هناك بيئة من القارئات اللاتي يناقشن الكتب ويحللنها من مختلف زواياها.”

لا يهدف مجتمع القراء لمناقشة الكتب فحسب، بل لبث الحياة في ممارسة القراءة.

فعمل البرنامج على تنمية مهارات التحرير ومهارات الفكر النقدي والإبداعي لدى الأعضاء، ونشر المعرفة ورفع مستوى وعي الشباب بأساليب متجددة، والأهم أن يكون دليلاً مسانداً لأندية القراءة الأخرى.

[1] في مديح الرواية، بهاء طاهر ص 6

قاعة المناقشة

لماذا الرواية؟

تخصص مجتمع القراء في مناقشة الروايات والسير الذاتية تحديداً!

وعن هذا تقول أ. بينة القحطاني “لما أحببنا أن نتوجه إلى مجال الروايات بالذات، فهذا لأني أنا وجدت فائدتها صراحةً، وأرى أن الرواية لها شأن عظيم في تغيير فكر الناس وإلا لما اختار الله عز وجل أسلوب سرد القصص أسلوباً أساسياً في القرآن، قال تعالى:” نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ [1]” كما أن أغلب الموروث العالمي هو القصص والحكايات.

فوجدنا أن الشيء الذي من الممكن أن تتشارك فيه شريحة كبيرة من المجتمع هو الرواية وحب القصص.”

تعتمد فكرة برنامج مجتمع القراء على ترشيح مجموعة من الفتيات من 18-30 لمناقشة وتحليل مجموعة من الروايات المنتقاة بعناية بين ورش عمل ولقاءات إثرائية وأنشطة إلكترونية ليكون منهجاً للأسس السليمة التي تبني فكر الفرد والمجتمع من خلال ما يقرأ.

ورغم المفهوم السائد بين جماعة من القراء في الانتقاص من الرواية تجيب أ. بينة: “من الأسباب التي دعتنا للتخصص في الروايات هو تصحيح هذا المفهوم، طبعاً جودة اختيارك للرواية مهمة، لأنه بالفعل هنالك روايات كثيرة تعد مضيعة للوقت وتعتبر من الكتب التي لا يمكن أن تثريك إن لم تكن تضرك.

لكن ما كنا نحرص على اختياره هو ما احتوى على قيمة وهدف وأن نبيّن أنه ليست جميع الروايات ذات قيمة سالبة وإنما هناك روايات هادفة بل لها معنىً عميق.”

هل تؤثر الرواية فعلاً؟

إن السلوك الإنساني يتأثر بالقدوة، سواء كانت حقيقية أو خيالية، يعرف جليسك “الموسوعة” حالات الانتحار المتكررة التي عقبت انتشار رواية ” آلام فيرتر” للمؤلف الألماني غوته، والضجة التي أحدثتها رواية جورج أورويل الشهيرة “مزرعة الحيوان” في المسؤولين قبل العامة، تحكي لنا أ. بينة القحطاني كذلك كيف أن إيمانها بفن الرواية كان بسبب أثر الروايات على حياتها هي، لأنها كما تؤمن أنه لا ينبغي أن تكون جل قراءات الإنسان في الروايات إلا أن قراءة الرواية الجيدة بين الحين والآخر تساهم في فهم النفس البشرية مما يساعد في توقع فهم نفسك وفهم الآخر وردود فعله.

كما يشير الأستاذ: عبدالله عن الأسباب التي تجعل الرواية من أساليب التوجيه والتغيير:” للعمل الروائي خصائص تجعل منه طريقاً مناسباً لتمرير الأفكار والتصورات والمناهج بأسلوب خفي لا يستثير القارئ، على قاعدة (بطيء، ولكن أكيد المفعول) … فالرواية لا تقدم الأفكار إلى العقل في قالب (صدّق واعتقد) وإنما تصبها في قالب قصصي يعتمد الزخرفة والتمويه. وقد لا يشعر القارئ أن ثمّة فكرة يراد إيصالها إليه من هذا الحدث أو ذاك. وربما تشرب عقله هذه القيم وتلكم التصورات دون إحساس منه أو شعور. ذلك أنه أثناء قراءته للرواية في شغل بمتابعة الأحداث، والربط بين الفصول، والتعرف على الشخصيات، والتفكير فيما سيحصل وبماذا ستختم الرواية. فتكون إمكانية تسرب الأفكار دون شعور أكبر، إذ إن استعداد القارئ النفسي والعقلي للمعارضة والتنقيح والتأمل أضعف في هذه الحالة مما لو طالع كتاباً يطرح الفكرة بطريقة مباشرة.”

إذن الرواية تؤثر، سلباً أو إيجاباً، وهنا تتجلى قيمة البرامج المجتمعية مثل برنامج مجتمع القراء، فمع انتشار الرواية وشيوعها، ينبغي على القارئ الفطن تنمية ملكة التفكير الناقد وتحصيل الأثر الجيد من هذا الفن في التأثير.

[1] سورة يوسف

الغوص في الخريطة

في موسمه الأول كانت فلسفة البرنامج تدور حول “الغوص في الخريطة”.

تم انتقاء روايات من بلدان مختلفة وحقب زمنية متنوعة، كل رواية تناقش مشكلة معينة أو شريحة معينة.

وفي كل لقاء يتم استعراض نبذة عن البلد نفسه، ثم عن المؤلف، وبعدها تناقش الرواية، وتختم باستضافة شخصية متخصصة لتحكي عن المعنى الضمني والرسالة العامة في كل رواية.

 ففي بلد النمسا، كان اللقاء عن رواية “ملك في منفى العمر” حيث يوثق المؤلف قصة والده مع مرض الزهايمر، وكانت من ضيفات اللقاء رئيسة القسم النسائي لدار المسنين في الدمام، والتي تحدثت عن تجربتها في العمل مع كبار السن، وكيف من الممكن أن نعتني بهم في هذه المرحلة الصعبة من حياة الإنسان.

وفي كوريا، نوقشت رواية “الدجاجة التي حلمت بالطيران“، عنوان طفولي؟ هذا ما رأته أ. بينة عند ترشيح الكتاب لها من دكتورة جامعية، لكن عند قراءتك الرواية تشعر أنك أمام “مزرعة الحيوان” أخرى من ناحية القوة والعمق المتواري خلف دجاجة تحلم بالطيران! وأدت مناقشة تلك الرواية إلى تفرع كبير من ناحية حرية التفكير وأن على الإنسان ألا يضيق أفقه في حواجز في عقله ومحيطه بل أن يتخطاها كما فعلت تلك الدجاجة التي رأت ما وراء الحواجز!

كشف الخبايا

في الموسم الثاني اتخذ الطابع “خبايا الكتاب”

وعند سؤال أ. بينة القحطاني عن ذلك قالت “نحن نعرف أن النفس البشرية تحب كشف الخبايا، وتحب أن تعرف الجانب الآخر لأي أمر فعندما تقرأ رواية وتستمتع فيها ليس كما تأخذها وتفككها وتكتشف خباياها، ولهذا في رواية صلاة تشرنوبل لم نقرأها فقط وإنما أقمنا محكمة، وانقسمت القارئات إلى قسمين، قسم مع المسؤولين والقسم الآخر كانوا الضحايا الذين تضرروا وحاولنا أن نعرف من المسؤول الفعلي في تلك المأساة التي حدثت.”

واستكمالاً لدور المجتمع القارئ، لهذا أضيفت جلسات مثاقفة إثرائية عامّة تصب في نفس مجال مجتمع القراء، مثل:” دور الرواية في تجسيد الأحداث”، و”الأدب وثقافة الأمة”.

النزول من البرج

لم يكن مجتمع القراء لينتهي عند عتبات المكتبة، وإنما كان من شروط المجتمع أن تخرج المستفيدات بمبادرات تسهم في خدمة المجتمع في فلك القراءة.

هذا كان من إيمان أ. بينة القحطاني بأن:” الفكرة من مجتمع القراء أن يخرج القارئ من كونه إنساناً منعزلاً في برجه العاجي إلى إنسان فاعل وهذا في نظرنا أن الثقافة الحقّة هي الثقافة التي تقودك إلى التغيير، لأنك عندما تصنع وعياً أنت تصنع فرداً منتجاً، فكانت الفكرة أنك إنسان قرأت وفهمت فالآن لابد أن تعمل، لذلك سلمناهم الراية وساعدناهم بحيث ينقسمن إلى مجموعات يخرجن بمبادرة في فلك نشر ثقافة القراءة.”

وقد دشّنت مبادرات مميزة مثل: “يمامة لتحليق الكتب” و ” مخبز الحرف” و”بنان الحكايا

لقد تميز برنامج مجتمع القراء لا لتوظيفه للرواية بحسب، وإنما بتوظيفه القراءة نفسها، كأداة لتطوير الذات وبناء فكر الإنسان السليم.

مجتمع القراء واستدامة الأثر

لم يقتصر البرنامج على عضوات المجتمع، بل كان من أهداف البرنامج استدامة الأثر، فأطلقت شركة سمو المجتمع موقع مجتمع القراء الذي يحتوي على مواد ثرية ونافعة، من مقالات وملخصات إلى مادة مناقشة كل رواية. كما أعلن عن بودكاست مجتمع القراء المتفرد بنقل ملخصات الروايات بأسلوب جاذب ومؤثرات تنقلك لعالم الرواية.

بعد أن أنهيت سردك لتفاصيل هذه التجربة، وأنت تتنقل بين النظرات المهتمة والأخرى المتشككة المستهينة، ختمتها بمقولة العقاد:” الجسم يغذيه ما يشتهيه.. فاقرأ ما تحب تستفد” وإن كانت العبارة ليست على إطلاقها، إلا أنها صحيحة إلى حد كبير، فاقرأ ما تحب تستفد، والمس حاجة الناس بالأسلوب المناسب، تصنع أثراً.

شارك الصفحة
المزيد من التغطيات
بمثل هذه الصروح تشيّد الأمم، وتبنى الأمجاد، وترفع الرؤوس بالمعالي شامخة.
تخرج الفتاة بنهاية البرنامج وعندها مشروع لمجتمعها.
وضع نصب عينه شعارًا فريدًا هو: نقل المعرفة من السطور إلى الآذان.

توظيف الرواية في البرامج القرائية | تجربة برنامج مجتمع القراء قراءة المزيد »

حكاية جمعية قرطبة

Picture of إعداد نورة الجوهر
إعداد نورة الجوهر

ساهم في التغطية: نورة المغيرة

الفكرة أن نعمل على برنامج بنائي للفتيات، بحيث تخرج الفتاة بنهاية البرنامج وعندها مشروع لمجتمعها، سواء موجه لنفس فئتها أو لا“.بهذه الكلمات بدأت السيدة نوال الضويانعضو مجلس إدارة الجمعية الأهلية لتنمية الفتاة قرطبةحكاية الأيام الأولى لتأسيس جمعية قرطبة، وقد التقينا بها مع عدد من أعضاء الفريق التنفيذي للجمعية، للاطلاع على نشاط الجمعية عن قرب.

بدايات

بينما كان الصباح يستيقظ متثائبًا في مدينة الدمام، كانت مجموعة من السيدات قد اجتمعن للتفكير في مشروع لتأهيل الفتيات وتطويرهن، ويبدو أن الأفكار الأولى كانت فضفاضة للغاية، حيث تضمنت تأهيل الفتيات في جوانب علمية ومهارية وحرفية، لكن خرج قرار المجلس في نهاية الأمر على التركيز في مجال القراءة، وهو ما يعني البناء الثقافي للفتيات، وتأهيلهن من خلال القراءة ومهاراتها.

وقبل أن تُطلق الجمعية أول برامجها، مكثت خمس سنوات في التأسيس، وتشكيل الفريق، وتصميم المقر وتجهيزه، وهي فترة طويلة نسبيًا، لكن الفريق يُبرر ذلك بالمتطلبات الرسمية اللازمة للتأسيس، وأعباء تشكيل طاقم عمل متجانس ومتخصص.

الفريق القارئ

بدأ عمل الجمعية بجهود تطوعية، فكان الفريق يعمل على تأسيس الجمعية في هامش أعمالهم الرسمية التي يقومون بها، من استخراج التصاريح، وفرز السير الذاتية ومقابلة الموظفات المحتملات، وتصميم المقر وتنفيذه، إذ كان تصمصم المقر تطوعًا من المهندسة هند الدهلوس، وتؤكد الأستاذة هند المبيضالمديرة التنفيذية للجمعيةأن نسبة الأعمال التي يقوم بها المتطوعون داخل الجمعية تبلغ 70% حتى الآن!

المقر قبل التصميم

ويبدو أن الجمعية محظوظة بفريقها، إذ صادف أن كل من يعمل بالجمعية لديه شغف بالقراءة، ورغم أن ذلك لم يُشترط في التوظيف، لكن الموظفات تقدمن للعمل في الجمعية إيمانًا منهن بفكرتها، وموافقةً لأهدافها، فتقول فاطمة بوديمسؤولة إدارة العلاقات العامة والإعلام

من مميزات العمل في جمعية قرطبة أني وجدت نفسي أحقق أهدافًا أحلم بها منذ وقت طويل، داخل بيئة رحبة، تشاركني اهتماماتي في عوالم القراءة والثقافة“.

وأما الأستاذة نوال الضويان فقد تقاعدت من العمل في التعليم بعد سنوات طويلة، وسرعان ما انخرطت في أعمال الجمعية، وهو ما جعل بناتها يتساءلن عن حقيقة تقاعدها لتقول لهنّ:

أحببت التعليم، وأحببت الإرشاد .. كنت معلمةً ومرشدةً لفترة من الوقت، تقاسمت سنوات خبرتي بين التعليم والإرشاد، وأحببت المجالين، ولكن هنا، في جمعية قرطبة، بين أحضان الكتب، وجدتُ نفسي لأول مرة!”.

برامج نوعية

تنقسم برامج الجمعية إلى قسمين كبيرين، القسم الأول متخصص في برامج التمكين، وهو يستهدف تخريج فتيات فاعلات في مجال القراءة والثقافة، عبر برامج متعددة الأدوات والمداخل. وأما القسم الثاني فيُعنى بالتثقيف العام، وتستهدف فئات أوسع، عبر برامج أقل تعقيدًا، وأكثر انتشارًا.

في أواخر عام 2020م أطلقت الجمعية أولى برامجها، دار أندلسية، وهو برنامج من برامج التمكين، متعدد الأدوات، وبه دورات تدريبية، وورش عمل، ولقاءات تطويرية، يضم مسارات لقراءة الكتب ومناقشتها، امتدّ لثمانية أشهر.

تقدم للبرنامج 85 فتاة، واختير منهن 25 فتاة فقط، بعد مقابلات شخصية مع كل متقدمة، وكان الهدف التأكد من استعداد المشاركة لبرنامج بهذا القدر من المتطلبات، ولديها فرصة للخروج بمشروع اجتماعي في مجال القراءة.

توّج البرنامج مسيرته بإطلاق ثلاث برامج متنوعة، خططن لها المشاركات داخل دار أندلسية، الأول هو مكتبة حكايا، وهي مكتبة تجارية متخصصة في كتب الأطفال، والثاني برنامج إكسير الذي يهدف لتعزيز مهارات القراءة والتفكير، من خلال منهجية متخصصة لبناء الشخصية ورفع الوعي والإدراك، عن طريق الاجتماعية والجلسات النقاشية والحوارية، كما تخرج في دار أندلسية ناد للقراءة، وهو نادي قمارش، وفيه يناقش أعضاء النادي كتبًا من مجالات متنوعة، من الأدب إلى التاريخ، ومن الرواية إلى الشريعة والفكر.

أطلقت الجمعية النسخة الثانية من دار أندلسية هذه الأيام، بالإضافة إلى برامج أخرى، ساهمت في ضم كفاءات نوعية إلى فريق جمعية قرطبة، وأخرجت قارئات فاعلات، يملكن المهارات اللازمة لإثراء مجتمعاتهن.

مكتبة قرطبة

يجد الزائر للجمعية في طرفها مكتبة بيضاء اللون، بخلفية خشبية، تُضيئها إنارةٌ مخفيةٌ بأناقة، وتُضفي أشعة الشمس المتسللة عبر نوافذها ألقًا ساحرًا على مشهد الكتب المتراصة في الرفوف.

عملت المهندسة هيا الفرج والمهندسة لينة القحطاني على تصميم مكتبة قرطبة وتنفيذها تطوعًا، ثم بدأت المكتبة في استقبال عدد كبير من الكتب المهداة، ولذا تشكل فريق تطوعي لاستقبال الكتب وتقييمها، ثم فرزها حسب مناسبتها للمكتبة، ثم قام فريق آخر بشراء كتب أساسية في مختلف المجالات، بعد استشارة المتخصصين، وقد ضمت المكتبة أكثر من 1200 كتاب، تُمثل صفوة الكتب في 28 تصنيفًا.

أثناء تصميم المكتبة

تبرعت المكتبة العامة بمدينة الدمام للمكتبة الوليدة ببرنامج متخصص في قواعد البيانات، ثم دربت المتطوعات على إدخال بيانات الكتب وتصنيفها، بعد إدخال تعديلات طفيفة على تصنيف ديوي الأكثر انتشارًا، ليناسب مختلف الفئات من زوّار المكتبة.

تُقدّم المكتبة لزوّارها خدمات متنوعة، مثل خدمة الإعارة، والإرشاد القرائي، وخدمة بلّغني التي تتيح للزائر طلب كتاب غير متوفر، لتسعى المكتبة إلى ضمه بما لا يتعارض مع سياسات جمعية قرطبة. كما تُقدم المكتبة برامج إثرائية متنوعة، فهي تستضيف نادي قمارش لمناقشة الكتب، ويتميز بمشاركة متنوعة من الجنسين، ومن مختلف مناطق المملكة. بالإضافة إلى تقديم برنامج بوصلة الذي يهدف إلى توجيه المشارك في دروب القراءة المختلفة، وتعميق أثرها من خلال أدوات متعددة. وتُقدم مكتبة قرطبة برنامج قبس، الذي تستضيف به متخصصين، ليتحدثوا عن حياة شخصيات رائدة في مجالات معرفية مختلفة، وتُعرض سيرهم من منظور إنساني، يُقرّب هذه الشخصيات أكثر من حياة قارئيها.

تحديات وآفاق

تعتمد الجمعية كسائر القطاع الثالث على تمويل المانحين، وهو ما يجعل تمويل جمعية متخصصة في قطاع الثقافة يحتل مرتبةً منخفضةً في سلم أولويات متقلّب.

وعلى الرغم من إقبال الفتيات الكبير على أنشطة الجمعية وبرامجها، إلا أن تعامل الفئات المستهدفة مع هذه الأنشطة تنقصه الجدية في بعض الأحيان، فلا زال محور القراءة في حاجة إلى تعزيز داخل حياة قطاع واسع من الأجيال الجديدة، وهو ما يمثّل تحديًا يخوضه طاقم جمعية قرطبة بعزم مثابر، من ابتكار برامج أكثر متعةً وأعمق تأثيرًا، إلى تصاميم مدهشة وجاذبة، وتمثل علامة جودة لبرامج الجمعية.

شارك الصفحة
المزيد من التغطيات
بمثل هذه الصروح تشيّد الأمم، وتبنى الأمجاد، وترفع الرؤوس بالمعالي شامخة.
نستعرض أحد التجارب المجتمعية الفريدة في الاستفادة من فن الرواية.
وضع نصب عينه شعارًا فريدًا هو: نقل المعرفة من السطور إلى الآذان.

حكاية جمعية قرطبة قراءة المزيد »

عمرو البساطي وتسجيل الكتب

يشهد مجال الكتب الصوتية في العالم العربي نموًا مستمرًا منذ بضع سنوات، ففي عام 2016م أسس رائد أعمال سويدي أول تطبيق صوتي احترافي للكتب العربية، وهو تطبيق“كتاب صوتي”، وبعد استثمارات متتالية استحوذت عليه شركة storytel العالمية وهي شركة يتجاوز حجمها السوقي مليار دولار، لتدخل بذلك السوق العربي كأكبر تطبيق للكتب العربي.

وتأسست تطبيقات أخرى بأياد عربية، مثل تطبيق ضاد للكتب الصوتية و تطبيق وجيز لملخصات الكتب، ولكن شابًا مصريًا، أسس وحده مبادرةً فريدةً للكتب الصوتية المتخصصة في المجال الشرعي، واضعًا نصب عينه شعارًا فريدًا هو: نقل المعرفة من السطور إلى الآذان.

بدايات

وُلد عمرو السيد إبراهيم البساطي سنة 1982م، وتخرج في كلية الدعوة وأصول الدين بجامعة الأزهر، ليعمل بعد ذلك معلمًا للقرآن الكريم والعلوم الشرعية.

تأسست في عام 2018 مبادرة مفتاح التفسير و هي مبادرة تُعنى بقراءة كتب الدراسات القرآنية ومناقشتها، تحت إشراف مركز تفسير، وكان الكتاب الذي سيُقرأ في ذلك الحين هو كتاب التفسير والمفسرون للشيخ محمد حسين الذهبي رحمه الله، فاقترح بعض المشاركين تسجيل الورد اليومي لقراءة الكتاب، فبادر الأستاذ عمرو البساطي لتسجيل الكتاب صوتيًا عن طريق هاتفه، وقد لاقى هذا التسجيل ترحيبًا وتفاعلًا من المشاركين، ودعمًا من المشرف على مركز تفسير الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري.

واصل البساطي بعد ذلك تسجيل الكتب، وطور أدوات التسجيل ومهاراته في التحرير الصوتي، إلى أن جهز مع بعض المتطوعين استديو متكاملًا لتسجيل الكتب، ليكون المنتج النهائي نقيًا وسلسًا.

عمرو البساطي

أكثر من مجرد أرقام

ينشر الأستاذ عمرو كتبه الصوتية على منصتين أساسيتين، هما اليوتيوب و التليجرام ويتجاوز عدد المشتركين بهما 24 ألف مشترك، وتربو الاستماعات عن نصف مليون استماع، لكن هذه الإحصائيات لا تعكس الأرقام الحقيقية لنتائج المبادرة، فالملفات الصوتية التي يسجلها عمرو البساطي متاحة بالمجان، وهي منتشرة على عشرات المواقع المتخصصة في الصوتيات، وفي قنوات اليوتيوب والتليجرام والساوند كلاود وموقع أرشيف، ويؤكد البساطي أنها ستستمر في صورتها المجانية خدمةً لطلاب العلم، والعرب والمسلمين في كل مكان.

سجّل الأستاذ عمرو البساطي حتى الآن أكثر من 80 كتابًا، يبلغ حجم أصغرها مجلدًا واحدًا، بينما وصل حجم أكبر تسجيلاته وهو تفسير التحرير والتنوير إلى 30 مجلدًا، لكن قبل مبادرته، كانت المكتبة الصوتية الشرعية فقيرةً جدًا، وهو الأمر الذي حفزه على مواصلة التسجيل وتطوير أدواته، وكانت أحاديث مروية عن النبي صلى الله عليه وسلم تشد من عزمه على الاستمرار، وتزيد من إصراره على المواصلة، مثل قول النبي : ((لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم))، وحديث النبي : ((رُبّ مبلَّغٍ أوعى من سامع)).

أعاجم ومكفوفون

يحدثنا الأستاذ عمرو البساطي أنه في بداية التسجيلات أراد خدمة من حوله من الأصدقاء والزملاء، وما كان يتوقع هذا الإقبال الواسع الذي حظي به إنتاجه الصوتي، لكن أكثر فئتين تفاجأ بهما هم المستمعين من غير العرب، والمكفوفين.

تبلغ نسبة المستمعين من غير العرب في قناته 38%، وقد تواصل معه مثلًا أحد طلاب العلم من الأكراد، كاشفًا له عن أثر هذه التسجيلات في إقباله على طلب العلم، وفهم الكتب، خاصة أنه يعاني من قراءتها بسبب ضعف إتقانه للإعراب. ويجعل البساطي تنفيذ طلبات المكفوفين أولويةً له، فهم الفئة الأكثر احتياجًا للكتب الصوتية، وتمثل لهم هذه التسجيلات ضرورة للتحصيل العلمي، والتزود بالمعرفة.

قبل التسجيل

يحرص الأستاذ عمرو قبل تسجيل أي كتاب على تحري الطبعة المتقنة والمعتمدة، وهو يبحث عنها ورقيًا، إذ لا يجد نفسه متقبلًا للكتاب الإلكتروني، وهو ما قد يؤخر مشاريعه في بعض الأحيان عندما لا يكون الكتاب متوفرًا في بلدته. ويلفت البساطي انتباهنا إلى ضرورة استئذان الناشرين والمؤلفين قبل تسجيل الكتاب ونشره، وقد وجدهم متجاوبين مع طلباته ومتفاعلين، خاصة أنه يقدم هذه المواد مجانًا.

بالإضافة إلى ما سبق، ينصح عمرو البساطي من يرغب في تسجيل الكتب بالأمانة في قراءة النصوص، والالتزام بقراءتها كما هي، دون إضافة أو نقصان. ويشبه الأمر بتحقيق الكتب، فوظيفة المحقق إخراج النص التراثي كما أراده المؤلف، ووظيفة مسجل الكتب نقل النص إلى الآذان كما هو في طبعته المعتمدة، وهو ما يتطلب حدًا أدنى من إتقان اللغة العربية، وضبط الأداء الصوتي.

يُشير البساطي أيضًا إلى أهمية الإخراج النهائي المتقن للكتاب الصوتي، فبحسب تعبيرهالكتب الشرعية ليست أقل مكانة من الروايات والكتب الأخرى دون الانتقاص منها، فإخراج الملف الصوتي النقي هو خدمة للتراث والعلوم الشرعية، وهو ما يضاعف من مسؤولية الباذل لهما لزيادة جهده في إتقان وإحسان، مؤكدًا أنه في خدمة من يقصده من الراغبين في تسجيل الكتب الشرعية.

لكن أول النقاط التي أكد عليها الأستاذ عمرو هي إخلاص النية لله سبحانه وتعالى، فهذا العمل يرتقي بالنية إلى مرتبة العبادة، وهو من خير العمل، إذ به يُخدم طلاب العلم في شتى أنحاء العالم، مؤكدًا على خطورةطلب الشهرةعلى قصد الإنسان، وأن يحرص على طلب مرضاة الله سبحانه وتعالى.

قبل الاستماع

يرى عمرو البساطي أن أهم آثار الكتاب الصوتي، هو كسر الحواجز أمام المتهيب من الكتاب الورقي، فكتاب مثل التحرير والتنوير يقع في 30 مجلدًا للطاهر بن عاشور رحمه الله، صدر مسجلاً في 350 ساعة وفي 492 مجلسًا، لكن المفاجأة أن عددًا كبيرًا من المستمعين تواصلوا مع الأستاذ عمرو مؤكدين استماعهم لكامل كتاب التحرير والتنوير، وبلغ عدد المستمعين للجزء الأخير من الكتاب على قناة اليوتيوب فقط أكثر من ألف مستمع.

ينصح البساطي من يستمع إلى الكتب أن يخلص النية لله، فهذا الاستماع من طلب العلم، وهو يتفهم قلق البعض من عدم الاستفادة من الكتب المسموعة، لكنه يؤكد على أنها من أفضل ما تُستغل به الأوقات الضائعة، فاستيعاب 70% من الكتاب المسموع خير من ضياع الوقت في السرحان والقيل والقال. ينصح الأستاذ عمرو بتقسيم الكتاب إلى جلسات كما هو موجود على قنواته، وليسمع كل يوم مجلسًا واحدًا فقط، والأفضل أن يكون الكتاب بين يديه، لتتضافر حواس الإدراك في تحصيل المادة العلمية.

آفاق جديدة

يذكر الأستاذ عمرو البساطي بكثير من الامتنان داعميه الأوائل، مثل الدكتور خالد الدريس، والدكتور سلطان العميري، والشيخ عبدالله العجيري، والشيخ عبيد الظاهري، فهم أول من نشر له، وأشاروا إلى تسجيلاته، ويضع البساطي نصب عينيه محطات جديدة قادمة في رحلته مع تسجيل المواد الصوتية، إذ ينوي إكمال مشروع تسجيل كتب ابن القيم وكتب ابن تيمية، وتسجيل مدونات الحديث النبوي، كما يطمح إلى تسجيل مصاحف متعددة للقراءات العشر برواياتها، وتسجيل مصاحف حدر وتحقيق لمساعدة حفظة القرآن الكريم على ضبط حفظهم وإتقانه.

شارك الصفحة
المزيد من التغطيات
بمثل هذه الصروح تشيّد الأمم، وتبنى الأمجاد، وترفع الرؤوس بالمعالي شامخة.
نستعرض أحد التجارب المجتمعية الفريدة في الاستفادة من فن الرواية.
تخرج الفتاة بنهاية البرنامج وعندها مشروع لمجتمعها.

عمرو البساطي وتسجيل الكتب قراءة المزيد »