أخبار نديم

مستنار.. رحلة البداية والإنجاز

pexels-fotios-photos-2923463

تسعى نديم إلى اكتشاف مساحات جديدة لتقديم برامجها، والوصول لشرائح متنوعة من أصحاب الاهتمامات المعرفية والثقافية، وتلبية احتياجهم بما يلائم إمكاناتهم.

من هنا أطلقنا مجتمع (مستنار) والذي يقدم للمشتركين فيه مادة ثقافية نوعية في حقلين مهمين هما علم النفس وعلم الاجتماع، ويهدف إلى تكوين مجتمع من القراء المميزين غير المختصين والذين لهم اهتمام بالكتب النفسية، والاجتماعية، من مرونة فكرية وانفتاح عقلي، ورؤية نقدية. وقد حظينا بقراء من تخصصات مختلفة يقدم كل منهم رؤيته الخاصة من تجربته الحياتية، ومجال دراسته وقراءاته السابقة.

أقيم من المجتمع موسمان حتى الآن، بلغ المشتركين فيه 147، كانوا ثلة من القراء المميزين من تخصصات متباينة شملت العلوم الشرعية، والتربوية، والرياضيات، والعلوم النفسية، والاجتماعية، والتخصصات الصحية والطبية، وعلوم اللغة والتخصصات التقنية، مما ساهم في إثراء المحتوى وأضاف تنوعا في الرؤى والأفكار.

وكذلك تنوع الفئات العمرية والاجتماعية للمشتركين بين آباء، وأمهات، وطلاب، وموظفين، وباحثين.

قراءات ثرية

حرصنا على تقديم تجربة قرائية متنوعة، بحيث يخرج المشترك وقد ناقش ثلاث كتب في كل موسم في مجالات متعددة تمس بشكل مباشر اهتمامه وحياته اليومية، وناقش خلفيتها النظرية، وبعض القضايا المتصلة بالعلم الذي تنتمي إليه.

جاء الكتاب الأول “نهاية النسيان” من تأليف: كيت إيكورن، في الجانب الاجتماعي حيث يناقش آثار اختفاء النسيان كظاهرة اجتماعية في عصر التواصل المفتوح.

بينما كان الكتاب الثاني “إخفاق التواصل” للمؤلف: يوهان هاري، يتحدث عن تجربة شخصية واستقصائية ناقدة للمؤلف حول الاكتئاب وحقيقة أسبابه المهملة.

واختتم الموسم بكتاب “صعوبة التخلص من العادات” تأليف: راسل بولدراك، الذي يقدم طرحاً مختلفاً عن كتب العادات التقليدية، يشرح الكتاب عمل العادة وصعوبة تغييرها من منظور بيولوجي عصبي.

أما في الموسم الثاني فقد افتتحناه بكتاب “فلسفة الوحدة” للمؤلف لارس سيفيدسون والذي يتناول فكرة الوحدة والمفاهيم المتصلة بها بأسلوب فلسفي بسيط ومشوق.

وفي الشهر الثاني كنا على موعد مع كتاب “عندما يقول الجسد لا” ومؤلفه هو الطبيب الكندي جابور ماتيه الذي يتناول تأثيرات الضغوط النفسية على الصحة الجسدية بأسلوب قصصي.

وختم الموسم بكتاب “علم النفس ديناً.. مذهب عبادة الذات” حيث يتناول نقد لعلم النفس الذاتي من وجهة نظر دينية مسيحية.

وبلغ مجموع صفحات هذه الكتب = 1533 صفحة.

أمسيات مفتوحة

تضمن المجتمع عددا من الأمسيات التي كانت تهدف لتقديم مادة تثري تجربة القارئ في المجالات النفسية والاجتماعية، في جو من الأريحية والقرب.

كبداية لمستنار كان اللقاء المفتوح الأول لإثراء تجربة القارئ بتجربة شخصية قرائية أخرى فكان لقاء: “تجربة في القراءة النفسية” مع الدكتور محمد عودة.

وللإجابة عن سؤال ملح بحكم النشر الموسع في علم النفس والتداخل بينه وبين العلوم الأخرى قدم مستنار

لقرائه لقاء: “كيف نقرأ علم النفس؟”  وحديث علمي قريب حول القراءة في هذا المجال، وما ينبغي مراعاته فيه.

وكختام للموسم الأول أتى لقاء: “العلاج بالقراءة” ليقدم بعض الأفكار حول القراءة كعلاج حقيقي وناجع للتعامل مع المشكلات الحياتية.

وافتتح الموسم الثاني بلقاء: “قراءة في سيرة عقل غير هادئ” مع الأستاذة تهاني العتيبي لتحليل وقراءة تجربة المؤلفة مريضة ثنائي القطب من وجهة نظر تخصصية.

وتلا ذلك لقاء: “العلاج بالكتابة” والذي كان من اقتراح المشتركين في الموسم الأول قدمته الأستاذة: أشواق الشمري لمناقشة الكتابة كوسيلة للعلاج النفسي والنمو الشخصي.

بالإضافة إلى اللقاء الأخير الذي كان حول علم النفس والأدب، وإطلالة على العلاقة بينهما.

انطباعات وآراء

في نهاية المجتمع حرصنا لأخذ انطباعات المشتركين والإنصات لآرائهم التي تسهم في تطوير المحتوى في المواسم اللاحقة والارتقاء بالتجربة، وكانت هذه بعض آراء المشتركين التي وصلتنا:

– “اللقاءات ممتازة وإدارة الحوار كانت مميزة اختيار الكتب موفق المواضيع مهمة ومترابطة ومتسلسلة بشكل او بآخر”.

– “جدول القراءة كان مرن وأعجبني وجود يومين للاستدراك والراحة، لم يكن جدول القراءة مضغوط، حتى المنشغل بأعمال أخرى يستطع أن ينتهي من الكتاب بالراحة”.

– “المجموعة حفزتني على القراءة عند الملل، اللقاءات كانت ثرية أضافت لي الكثير لفهم علم النفس، شكراً لكل القائمين على هذا النادي سأوصي دائماً بالانضمام له لتأكدي من الفائدة التي سيحصل عليها القارئ عندما يجد مجموعة قرائية تشاركه الاهتمامات والمواضيع التي يحب القراءة فيها في علم النفس والاجتماع ونقاشها مع المختصين”.

وكان لبعض الضيوف ومقدمي اللقاءات نصيب في بث انطباعاتهم حول البرنامج، إذ قالت د.سمية النجاشي: “تشرفت بمناقشة كتاب (صعوبة التخلص من العادات) للمؤلف: راسل بولدراك، في الموسم الأول لمجموعة مستنار، ووصفي للأمسية بالنزهة الفكرية لا يجاور الصواب في أي طرف، فمتعة القراءة حين تتوَّج بمناقشة النص مع فريق مطلع، وعقول متسائلة تجعل الكتاب المقروء أبقى أثرا في الذاكرة، وأمضى نورا في الإدراك والسلوك”.

وتقول د. غادة الخضير: “لقاء كان مثل نافذة مشرعة على أفكار وآراء الحضور التي منحت الحوار ثراء ساهم في طرح إجابات لسؤال اللقاء، طرح الموضوع واختيار محاوره الرئيسة؛ يعكس حرص مستنار على خوض الجديد فيما يتعلق بالقراءات التي تتبنى علم النفس ضمن اهتماماتها، وحرصها على وجود نخبة من الحضور الفاعل يؤكد حرصها أيضاً لتبنى عقول يمكنها من خلال مناقشاتها أن تقدم منحى مختلف للتفكير في الأمور”.

ويعبر د. عزام السحيباني عن تجربته بقوله: “التجربة ثرية جداً بالنسبة لي ومناقشة مواضيع فلسفية واجتماعية تهم الجميع أمر مطلوب لزيادة مساحة الثقافة والنقاش الأدبي الخالي من الإساءة الشخصية. وهذا ما تفتقده بعض منصات التواصل الاجتماعي الأخرى”.

وتذكر أ‌.  تهاني العتيبي بهجة المشاركة بـ:

سعدت بالمشاركة معكم في هذه التجربة والنقاش العلمي الثري،كان لي الشرف بـ مشاركتكم ببرنامج مستنار المميز بـ مواضيعه وضيوفه. أتمنى التوفيق للمشاركين وللبرنامج في نسخته القادمة”.

يواصل نادي مستنار فعالياته في موسمه الثالث، والتي تضم لقاءات وجلسات لمناقشات الكتب، ويمكنك الاشتراك في النادي من هنا.

شارك الصفحة

مستنار.. رحلة البداية والإنجاز قراءة المزيد »

أريكة وكتاب تختتم نسختها السابعة

أريكة وكتاب

خلال الأسابيع الماضِية كُنت أبدأ كلّ صباح بهيج بتتبع وسم #أريكة_وكتاب، متأملة تنوع الأغلفة التي انضمت إلى قائمة الكتب المُنجزة، ومُستمتعةً بتلك الرحلات الفكرية التي خطّها القرّاء بأناملهم.

كُنت أقرأ بشغفٍ وإمعان آراء القرّاء، وأُتابع عدد الساعات والدقائق التي أمضوها مع الكتب، مُعجبةً بإنجازاتهم وتقدمهم. هُناك، حيثُ امتزجت أمواج المعرفة والعلم بأصداء صفحات الكتب، شعرتُ بملء قلبي أنني جزءٌ من مُجتمع نابض بالحياة والشغف.

لم تكن #أريكة_وكتاب في نسختها الأولى إلا مبادرة مبتكرة، هدفها تحفيز القرّاء على استغلال أوقاتهم أيام الحجر المنزلي، في تلك الأيام الغريبة من جائحة كورونا.

كان الإقبال مبهرًا، تناثر خبر الفعالية في كل زاوية قصيّةٍ من زوايا منصات التواصل الاجتماعي، وباتت أريكة وكتاب عنوانًا لكل من ينوي تجديد صلته بالكتب، وبناء عادة القراء كل يوم، وإكمال قراءة الكتب التي أهملنا إنجازها.

صارت أريكة وكتاب بوّابة كبرى للتعرف على نديم وبرامجها، فكثير من الأصدقاء شاركوا في برامجنا الأخرى بعد انضمامهم إلى أريكة وكتاب، بل إننا في بعض الأحيان تفاجأنا أن قطاعًا كبيرًا من القرّاء يعرف مبادرة #أريكة_وكتاب، ولكنه لا يعرف نديم!

بين وفينةٍ وأخرى نجد من يشجعنا على إقامة الفعالية من جديد، وترددنا قبل النسخة الثانية كثيرًا، فأجواء الحجر الكلي انتهت، والانشغالات تزايدت، والزخم القديم لا يُمكن بعثه من جديد.

لكننا نندهش كلّ مرة بالإقبال على كل نسخة من نسخ #أريكة_وكتاب، تتناثر الأغلفة بين الانستقرام وتويتر، وتتقافز ساعات التوقيت داخل كل صورة موضحة عدد الدقائق المستغرقة في إنهاء الكتاب، يتحوّل الوسم إلى معرض كتب، يُمكنك من خلاله أن تتعرف على كتب لم تمرّ عليك من قبل، أو تتذكر كتابًا نسيته بين رفوف مكتبتك، أو تتحفّز لإنجاز بعض الكتب المتراكمة على مكتبك.

ومع نهاية رحلتنا الصيفية في موسمها السابع حققت أريكة وكتاب بمثابرة قرّائها إنجازاتٍ عظيمة ومُبهرة، فقد شارك معنا أكثر من 100 قارئ وقارئة، قرأوا فيها 460 كتابًا، بصفحات تتجاوز الـ74 ألفًا، وبعدد ساعات اقتربت من الألف ساعة!

كانت رحلة قرائِية ثريّة جدًّا، أشبه بالإبحار في عالم من الكلمات والمعاني والحكايات، تنفسنا فيها عبق الأدب وتموُّجنا بخفةٍ بين جُزُر الأفكار.

كان القرّاء مختلفين لكل منهم دور في هذه الرحلة، كان بينهم النهّام الذي يشدو بألحانِ القصص، يشدُّنا بعذوبة صوته إلى أعماقِ الحكايات، والبحّار الذي كان يُملي فصلاً لُغويًا يوجه الدفّة بين تيارات الفكر والفلسفة، ويأخذنا بحكمةٍ بين رِياح التساؤلات، والغوّاص الذي كان يُدرك لذّة الرحلة في أعماق الصفحات، يبحثُ عن كُنُوز المعاني المخبوءة بين السطور، يلتقطُ ببصيرتهِ كلّ نفيسة كامنة!  

وهكذا، فقد فتحت هذه التجربة آفاقًا ومدّت آمالًا لكثيرين كانوا يظنون أنَّ الالتزام القرائي مستحيل، ناهيك عن إنهاء الكتاب في جلسة واحدة! ها هُم قد فعلوها وها هُم ينتشون بإنجازهم، فطوبى لهم!

أدركتُ أن “أريكة وكتاب” أكثر من مجرد مغامرة في عالم الكتب؛ فقد كانت رحلة إنسانية عميقة أثرت فيَّ بطرق مُذهلة!  كلّ ساعة قضيتها في متابعة القراءة كانت بمثابة اكتشافٍ جديد لعمقِ التجربة التي تقدمها القراءة.

شعرتُ بارتباط وثيق مع كل قارئ وكل تجربة قراءة، حيث أضاف كل منهما بُعدًا لامعًا لهذه الرحلة، مما أضفى عليها ثراءً وتأثيرًا عَميقًا!

ولا أبلغ من حديث المشاركين والمشاركات عن تجربتهم مع أريكة وكتاب، فهذه سعادة تقول:

“أريكة وكتاب لم تكن فقط مُبادرة للتشجيع على القراءة، بل كانت نُقطة فارقة في اكتشاف ذاتي.. لم أكن أعلم قبل هذا أني أستطيع إنهاء أكثر من كتاب في شهرٍ واحد! ظننت لسنوات أن مقدوري القرائي ضعيف؛ لكن أريكة وكتاب جعلت هذا الظنّ يتلاشى ويتبخر. من أجمل وأفضل التحديات التي شاركتُ بها، رغم أنهُ مر سريعًا، لكنهُ كان عميق الأثر رضي الله عنكم وأرضاكم”.

وتقول هناء جُبران:

“أحيانًا يكتشفُ الإنسان نفسه عن طريق الآخرين، حقيقةً ما كنتُ أتوقع هذا الإلتزام أبدًا، ما كانت تجربة قرائية بقدر ما كان فيها تربية للنفس. في بداية الأيام كنتُ أُنازعها وأجرّها جرًّا لإنهاء الكتاب، أما الآن أشعر بنقص في يومي لا يكتمل إلا بخلوةٍ مع كتاب؛ فالحمد لله الذي إذا كلف أعان، وبإذن الله سأستمر وأسعى لتثبيت عادة القراءة، كنت فقط أحتاج من يأخذ بيدي ويدفعني للأمام، لن ننساكم من الدعاء”.

يتزود الفرد بمددٍ من التشجيع والإلهام عبر مشاركته مع الجماعة، حيثُ يتجلى أثر المشاركة الجماعية في إثراء التجربة الفردية وتوسيع آفاقها، مِما يُساعد في تطوير رؤى خلاقة، ويحفّزه لاكتشافِ قدراتهِ!

شارك الصفحة

أريكة وكتاب تختتم نسختها السابعة قراءة المزيد »

حكاياتٌ أولى من زمالة قرّاء

صورة-زمالة-القراء-

عجيبة هي قدرة الإرشاد على اختصار الطّريق، وإثراء رحلتنا في الحياة، وأعجب منها قدرتنا على العطاء!

أن يعطيك إنسانٌ خبرة السّنين على طبق من حوار، يغمرك بكرم نصحه، وجميل مشاركته لما مرّ به، وخبره في سنيّ عمره، تسأله عن المجهول تخافه؛ فإذا هو قدّ عاشه قبلك، وتمدّ له يدك؛ فيأخذها بيده ليتّصل المسير، في طريق يدلّ فيه السّابق اللاحق، ويكمل فيه اللاحق أثر من سبقه.

من هنا انقدحت الفكرة: زمالة قرائية!

أعلنت شركة نديم قبل ثلاثة أشهر عن برنامجها المبتكر “زمالة قرّاء”، والذي توفر فيه بيئة معرفية مبتكرة للتمكين من أدوات القراءة، عبر ربط القراء المشاركين بمجمعة من المستشارين المميزين في قراءة الكتب وتقييمها، وهي أكملت اليوم أكثر من 100 جلسة استشارية!

في كتابه الفريد، ميراث الصّمت والملكوت، ينقل الأستاذ الهدلق عن ويل ديورانت في قصّة الحضارة:

“أن امرأة تدعى نينون دلّانكلو عاشت في عصر لويس الرابع عشر 1643 – 1715 حياة فاضحة متهتكة؛ إلا أن تلك الحياة لم تمنعها من أن تلتقط قدرًا من المعرفة لا يُستهان بها، وأن تفتح صالونًا أدبيًّا تقاطَرَ إليه أربابُ الأدب والفن والسياسة، حتى أذهلت باريس كلها بما أبدت من ذكاء ومعرفة؛ بل إنها أثارت فضول الملك لويس نفسه فاستمع إليها في قصره من وراء ستار.

عُمِّرت نينون بعد أصدقائها كلهم تقريبًا، فلما دنت منيَّتُها لم تترك في وصيتها -على ما بلغته من ثراء- سوى مالٍ يسيرٍ لجنازتها حتى تكون أبسط ما يستطاع؛ ولكنها كتبت: أطلب في تواضُع إلى المسيو لاروية -وكان وكيلها- أن يسمح لي بأن أترك لابنه الذي يتلقَّى العلم عند اليسوعيين ألف فرنك ليشتري بها كتبًا”.

قال ديورانت: “واشترى الابن الكتب، وقرأها، وأصبح فولتير”!

في «زمالة قرّاء» يرتبطُ ثمانية عشر مرشدًا خبيرًا بستّين زميلًا شابًّا، تجمعهم الكتب والقراءة وشؤونها على شاطئ الحياة، وأحيانًا في بحرها لجيّ التّجارب. في رحلة بين الكتب، وتجارب الحياة!

ليست «زمالة قرّاء» إلّا محاولةً لجعلنا نقرأ، نحن، ومن حولنا، ومن سيأتي بعدنا. محاولةٌ لمدّ جسرٍ يصل السّابق باللاحق في عوالم القراءة، وينسج روابط الود بين أهل القراءة وعاشقيها، لنستعين بها على مشقّات المعرفة، ونذوق بها حلاوات العلوم.

يقول الأستاذ حاتم الكاملي عن الزمالة، وهو أحد مرشديها الكبار:

“مبادرة شبابية رائعة تربط الشباب في مقتبل حياتهم بمن سبقوهم في رحلة القراءة. تشرفت بالمشاركة بها، وتفاجأت بمستوى القراءة لجيل الشباب الصاعد؛ شباب لم يلامسوا العشرين، تعليمهم رائع، يقرأون في كل الفنون، من روايات ديستويفسكي إلى تاريخ ابن كثير، ومن الجاحظ إلى طه حسين، ومن كتب الفيزياء إلى ريادة الأعمال والتقنية”.

وتُحدّث إسراء عن تجربتها في خوض رحلة الزمالة، فتقول:

“إنني خلال هذه الجلسات استفدت فائدة عظيمة جدًّا في معرفتي وتبصري بنفسي، وتأملي لعاداتي القرائية، وأخذت عن مرشدي وصايا قيمة لرسم خطة قرائية جادة تناسبني، ونصائح لتدوين فوائد الكتب بصورة فعالة وبعيدة المدى”.

أثرُ القراءة لا يُرى.. أثرُ القراءة لا يزول!

إن قيمة هذه المبادرة لا تكمن فقط فيما تنطوي عليه من قيم الإرشاد والتوجيه، بل تتجاوزه إلى ما هو مبثوث فيها من روح العطاء الحية، والمجتمع القرائي التفاعلي، والمشاركة المعرفية الثرّة، والتي تخلق بمجموعها بيئة ملهمة تعزز من حماس شبابنا القرَّاء للقراءة، وتدفعهم لاستكشاف آفاق جديدة في عوالمها الفسيحة.

يرسم مشاري لنا أثر الجلسات الإرشادية فيقول:

“مذ جلستي الأولى مع مرشدي وأنا أجد في نفسي رغبة ملحة ومؤرقة بأن أقطع أكبر كم وكيف من الكتب قبل لقائي التالي معه؛ حتى أقدر على توظيفها وتفعيلها في جلستنا لاستخراج ما لدى المرشد، ومنذ وصلني موعد الجلسة الثانية وأنا أعدّ لها”.

 وكم تنطوي زمالة قراء على قصص وحكايا، تبرز حاجتنا لمثل هذه المبادرات التي تبنينا من خلال بعضنا البعض.

وفي مهارات القراءة تحديدًا، تبرز إحدى أهم الفوائد التي تقدمها زمالة قرّاء، وهي تعزيز النقد الذاتي والتفكير العميق في المقروء، من خلال النقاشات المتعمقة، والمراجعات الجماعية، يتعلم الأعضاء كيفية تقييم الكتب بموضوعية، وتحديد الأفكار الرئيسية، والبحث عن الروابط بين المفاهيم المختلفة، وكلّ هذا نتيجة تفاعل القارئ مع مرشده، ومجتمع الزمالة ككل.

كما تسهم الزمالة في بناء شبكة اجتماعية قوية تجمع محبي القراءة، فالعلاقات التي تُبنى خلالها على أساس الاهتمامات المشتركة بالقراءة تكون أكثر استدامة وإثماراً، ويمكن للأعضاء الاستفادة من تجارب بعضهم البعض، سواء في مجال القراءة أو في الحياة بشكل عام.

بالإضافة إلى ذلك، توفر زمالة قرّاء بيئة ملهمة لتبادل التوصيات حول الكتب. يمكن للأعضاء مشاركة قائمة بالكتب التي أثرت فيهم بشكل كبير، مما يساعد الآخرين في اختيار قراءاتهم المستقبلية بناءً على توصيات موثوقة ومجربة.

تساهم المبادرة أيضًا في تطوير مهارات البحث والتحليل. فالقراءة المتعمقة تحتاج إلى قدرة على التفكيك والتحليل، وربط المعلومات والأفكار ببعضها البعض. هذا الأمر يعزز من القدرات العقلية ويجعل الأعضاء أكثر قدرة على مواجهة تحديات المعرفة. إلى معاني أثرى لعلّها تبرز نسخة بعد أخرى إن كتب الله للزّمالة النّمو، فهذه نسختها الأولى فقط.

ولئن كان الهدف الأسمى لزمالة قراء هو إرواء القارئ الفرد من بئر التجارب الإنسانيّة، فإنّما يتمّ هذا عبر مجتمع قارئ حيّ، قادر على مواجهة تحديات العصر، ومستعد لبناء مستقبل أفضل، قائم على أسس من الفهم العميق للنفس والناس، لنغيّر بالقراءة أنفسنا؛ فيتغيّر بنا العالم.

شارك الصفحة

حكاياتٌ أولى من زمالة قرّاء قراءة المزيد »

مبادرة “إرث” تُطلق موقعها لخدمة الباحثين في تاريخ العلوم

أطلقت شركة نديم أواخر عام 2022م مبادرة جديدة حملت اسم “إرث“، وهي مبادرة متخصصة في قضايا تاريخ علوم التراث الإسلامي، تسعى عبر باقة منوعة من البرامج والمشاريع إلى صناعة مجتمع بحثي عربي يناقش قضايا تاريخ العلوم التراثية.

وبدأت المبادرة بعدد من البرامج، مثل “فلك: قصة العلوم الشرعية”، وبرنامج “تأهيل الباحثين في تاريخ العلوم الشرعية”، كما أسست ناديًا لمناقشة الكتب المتعلقة بتاريخ العلوم، في القديم والحديث، وباللغة العربية والمترجمة.

واستكتبت المبادرة عددًا من المتخصصين لكتابة المقالات ومراجعات الكتب في مجال اهتمامها، مثلت بداية شيقة للآفاق التي يُمكن الكتابة عنها في مجال تاريخ العلوم، ولاقت اهتمامًا ومناقشةً مع متابعي المبادرة وجديد ما تنشره.

وكان آخر ما أطلقته مبادرة إرث موقعًا متخصصًا في قضايا تاريخ العلوم، شرعت فيه بمشروعين أساسيين، عمل عليه طاقم متنوع من الباحثين والمتخصصين في علوم التراث.

المشروع الأول: جامع المصنفات في العلوم الشرعية.

وهو مشروعٌ يسعى إلى استقصاء المصنفات التي دونت في العلوم الشرعية عبر القرون، وتوفير بياناتها على منصة رقمية تسهل الوصول إليها والتعرف على بياناتها مع توفير خدمات بحثية تزود المطالع بما يحتاج إليه من المعلومات والإحصاءات. وتشكل المرحلة الأولى من المشروع جمع المصنفات المطبوعة التي دونت في العلوم الشرعية منذ بداية التدوين وحتى عام 241هـ.

ويمكن للباحث استعراض المصنفات حسب العلوم، وحسب الأقاليم، وحسب التواريخ، وغيرها من التصنيفات.

المشروع الثاني: دليل المصنفات في تاريخ العلوم.

وهو مشروع بحثي يسعى إلى استقصاء المصنفات التي دونت في تاريخ العلوم الشرعية، وتوفير بياناتها على منصة رقمية تسهل الوصول إليها واستعراضها، مع توفير خدمات بحثية تساعد المطالع على الوصول إلى ما يحتاج إليه من العناوين، وإصدار نسخة ورقية رقمية لمن رغب بالمطالعة الشاملة للدليل.

وتسعى مبادرة “إرث” أن يكون هذا الدليل مرجعًا أصيلًا للباحثين في الاطلاع على الكتب والمصنفات والرسائل الجامعية التي دونت في تاريخ العلوم الشرعية، وأن يتبع هذا الإصدار إصدارات أخرى تستوفي جميع ما كتب في هذا الحقل المعرفي المهم.

شارك الصفحة

مبادرة “إرث” تُطلق موقعها لخدمة الباحثين في تاريخ العلوم قراءة المزيد »

ستون عددًا من نشرة إشعار

تقرير-إشعار

أطلقت شركة نديم في يوم 23 أكتوبر 2022م نشرةً بريديةً جديدةً باسم “إشعار”، بدعم من مؤسسة عبدالله السبيعي الخيرية. وتهدف النشرة إلى إثراء العاملين بالقطاع غير الربحي، وتسليط الضوء على قضاياه، ومناقشة التقارير والدراسات الصادرة حوله.

وصلت النشرة إلى عددها رقم 60 في يوم 9 مارس المنصرم، بواقع ثلاثة أعداد كل أسبوع، وتنوعت موضوعات النشرة من حوارات مع قادة العمل الخيري والعاملين فيه، والكتابة عن تجارب مهمة لشخصيات عربية وإسلامية غيرت في القطاع غير الربحي وأقرت فيه.

كما قامت النشرة بترجمة مقالات وملخصات كتب عن إدارة العمل الخيري، سواء من زوايا الموارد المالية والبشرية، أو التواصل مع المستهدفين والمانحين، أو طريقة إدارة المتطوعين، وغيرها من القضايا.

وحللت النشرة عددًا من الأبحاث والتقارير المحلية والإقليمية التي تدرس واقع القطاع غير الربحي، مما يقرب نتائج هذه الدراسات والتقارير من العاملين في القطاع بلغة سهلة ومختصرة.

وتنتقي النشرة في خاتمة كل عدد اقتباسًا ثريًا من كتب مختلفة في المجالات الإدارية والمعرفية، تهم العاملين في القطاع الخيري، وتشاركهم عناوين تستحق القراءة من مجالات متنوعة.

تواصل النشرة مشاركة أعدادها الجديدة مع المشتركين بها، وتتلقى مقترحاتهم وملاحظاتهم باهتمام، وترجو أن تكون نافذة القطاع غير الربحي، نافذةً إليه، ونافذةً منه.

شارك الصفحة

ستون عددًا من نشرة إشعار قراءة المزيد »

قوة التركيز والذكاء العاطفي

قوة التركيز 1

نعِمنا بصحبة كتابين، كنّا معهما بين روضتين، قوة التركيز، والذكاء العاطفي، روضةٌ تُغني الفِكر، وأخرى تسقي الفؤاد، من روائع ما تُرجم إلى العربية، فازدادت مكتبتها شمولًا، وتحليقًا في الآفاق، فما التجوال في الكتب -في حقيقته- إلا ترحال، وما تقليب الصفحات إلا سفرٌ وليالٍ طوال.

رحلةٌ أولى أمضيناها سعيًا للارتقاء بالنفوس، والازدياد من سبل التحسين، لأن لأنفسنا علينا حقًّا، فكان ما غنمناه من طرائق التركيز، في قولٍ بيّنٍ وجيز، وحثٍّ على الإنجاز، والسعي في درب المفاز، فلا تسويف ولا اتّكال، ولا تشتّت ولا إهمال، رحلةٌ كان شعارها الأوّل والأخير: “انطلق!”

شاركنا د. نوح الشهري أمسية سامرنا فيها بالحديث عن التركيز وأسرار الناجحين فنهلنا من نبع خبراته 

ورحلةٌ تلت ذلك في رِحاب النفوس وخفاياها، ودواخلِها وخباياها، ننهل منها ذكاءً نفهم به خلجات أرواحنا، وما تكنّه الأنفسُ حولنا، فيكون الودّ والوِفاق، ومؤانسة الرفاق، والتئام عرى الأُسَر بالإخاء، وفيض من سخاء، منبعه عاطفةٌ متّزنةٌ عذبة

رحلتان امتدّتا عشرين يومًا، لم يزدهما جمالًا غير رفقةٍ هم أُنس الطريق، وزاد سروره، قراء الجرد الكِرام، الذين رافقونا حتى بلوغ المرام، ومسك الختام، أكثر من ٦٠٠ مشترك، فيهم من المُنجزين ١٠٠، رفعوا للسعي المعرفيّ رايةً شامخة، وأنفُسًا طامحة، وتُوّج بالفوز عشرةٌ أمِلوا فعمِلوا، وبذلوا فوصلوا، فمباركٌ لكلّ مَن رافقنا المسير

لمتــابعة أنشطـة المبــادرة  ــــــــــــ

شارك الصفحة

قوة التركيز والذكاء العاطفي قراءة المزيد »

مقالات الطناحي

التفكير في التفكير

خمس وثلاثون يومًا مضت تطوافًا في مقالات الطناحي، سبرنا بها أغوار فؤاده، واجتنينا إرثًا زخر به تاريخنا، وتلمسنا الفوائد والدرر المنثورة بلغةٍ عذبة ثرية وأسلوبٍ رفيع ماتع يرتقي بلسان قارئه.

جلنا بحور اللغة نحوًا وصرفًا وأدبًا، ودنونا من قبس إرثنا الوضّاء وقضاياه، بمصافحة الأديب المفكر والمحقق والكاتب والشاعر ومَن حاز سيرةً لامعة طوت ذكرها الأيام.

فمن وصف المؤلف لحياة فؤاد سيد قوله:”صورةٌ فذة جمعت أجزاؤها كل جلال النبوغ الفطري والتحصيل الذكي الدؤوب والعصامية التي استعملت على قسوة المنشأ وباركتها عناية الله حتى استوى علمًا نافعًا فيه خير وبركة ونماء”.

وعن ابن زريق ذي العينيّة يقول: “صاحب القصيدة البديعة التي يسمع المحب فيها رجع أناته، ويحس الغريب منها لذع الغربة يكوي فؤاده ويشده إلى مراتع صباه ولهوه، ويغذي الصوفي بها مواجيده وأشواقه، ثم يجد فيها قارئ الشعر متعة بما يسري فيها من نغم علوي وإيقاع آسر”.

وعن محمود شاكر كان حديثه فقال: “غاية ما انتهيت إليه أن الرجل رزق عقل الشافعي وعبقرية الخليل ولسان ابن حزم وجلد ابن تيمية، بل إني رأيت أن ليس بينه وبين الجاحظ أحد في الكتابة والبيان”.
وغيرهم من أعلام الأدب الكرام

كما توغلنا في علم المخطوطات وعالم الكتب والرسائل والمعاجم المكتبات والمطابع.

رافقنا أكثر من ٥٠٠ مشترك وأتمّ القراءة ١١٥ منجز يحثّهم إلى معين القراءة شغفٌ معرفي متميز، وتوج عشرة فائزين بعشرة جوائز بعد أن جالوا غمار ٨١٩ صفحة، فهنيئًا لكل قارئ غنم هذا السفر الثري وتضلع من جنبات علوم اللغة وأعلامها.

لمتــابعة أنشطـة المبــادرة  ــــــــــــ

شارك الصفحة

مقالات الطناحي قراءة المزيد »

منصت الكتب والعشرة ملايين

منصت

في حصة العلوم على مقاعد المدرسة كان الأستاذ يعلمنا بأن الضوء أسرع من الصوت.. وكان مثال البرق والرعد راسخًا في أذاهننا.. واليوم في زمن سرعة الانترنت، نسأل السؤال بعيدًا عن النظريات الفيزيائية ليكون أيهما أسرع الصوت أم الصورة؟

 يشهد “البودكاست” اليوم انتشاراً كبيرًا، حتى ذكّرنا بزمن قديم (زمن الراديو) فمن الذي كان يصدّق أن ثورة الصوت تعود من جديد بعد التلفاز؟ ..

تسعى شركة نديم في مواكبة الوسائل الموصلة للمعرفة، فبعد أن أسست مبادرة “منصت” قبل قرابة ٤ سنوات، تلاها بودكاست “تناص“. و ها هي من جديد أعلنت يوم الأحد الموافق ٢٥ من ذي الحجة انطلاق مسار جديد  في منصت و ضمن (نديم القارئ) و يحمل اسم “منصت الكتب”.

مبادرة “منصت الكتب” فكرتها في اسمها حيث أنها مخصصة في الإنصات للكتب الصوتية والمراجعات في مجالات منوّعة، وتضيف المبادرة قيمة بتيسير السماع للكتب الصوتية عن طريق الجداول المنظّمة للمتابعة. وسيكون التذكير اليومي عبر قناة في التلجرام تحمل اسمها

أطلقت المبادرة إعلان الرفّ الأول (دوحة) والذي بدأ غرة محرم للعام الهجري ١٤٤٤ ويطمح الفريق لالتحاق أعداد كبيرة لمنصت الكتب.. تطلعات كبيرة لشركة نديم في توظيف الوسائل ومواكبتها فيما يخدم العلم والمعرفة بعون الله.

وفي الوقت نفسه نشرت مبادرة منصت تقرير لحصاد أربعة أعوام منذ تأسيس المبادرة والذي رصدت فيه أكثر من 10 ملايين استماع في جميع المنصات الصوتية، كان لمنصة البودكاست أعلى نسبة بين المنصات، حيث بلغت أكثر من 6 ملايين في مرات الإنصات، وبلغ مجموع الإنصات لأكثر من 5 ملايين للعام الهجري 1443هـ فقط، وقد زاد الإنتاج الحصري فبلغ في هذا العام فقط 12 سلسلة من 10 ضيوف.

شارك الصفحة

منصت الكتب والعشرة ملايين قراءة المزيد »

سياحة إلى الذكريات

مع نهاية كل عام.. يعود المرء إلى ظلال ذكرياته، ويسترجع أيام عامه المنصرم، ونحن هنا نسترجع معًا بعضًا من سيرة علي الطنطاوي رحمه الله بقراءة صفحاتٍ من ذكرياته، في رحلة تنقلنا بين الأدب والتاريخ والثقافة والمعرفة؛ لننهل من بحر تجاربه وخبراته.

هذه الذكريات هي بادِرةٌ من الشيخ الأديب لجمع ذكرياته، من شتاتِ سبعينَ عامًا عامرة، قضاها بين انتقال، وطلب علم، وسعي، ومحاماة، وأدب، وثقافة، ومعرفة.

في ثنايا الجزء الأول.. بدأ بسرد سنواته الأولى في هذه الحياة، لكنه استطرد ولم يلتزم بسير السنوات؛ إذ كانت رحلاته وخبراته أوسع من عمره، فهو الفقيه الأديب والأديب الفقيه الذي مثّل لنا أنموذجًا رائعًا في نهم القراءة وحبها والشغف بها.

نقرأ الآن عن أيامه في (مكتب عنبر) -مدرسته الثانوية- وعن شيوخه وأساتذته، ورحلته اليسيرة مع التجارة، وارتحاله من الشام ثم عودته إليها. سيحكي لنا عن أول سطوره التي رأت النور، ونُشرت في طيات الصحف ليقرأها الجمهور، وكيف كانت رحلته مع الصحافة وبداية إصداراته (رسائل الإصلاح). سنسافر معه إلى إندونيسيا، وسيأخذنا في حديث ماتع عن سُرّ من رأى وعن بغدادَ ورمضانها، وإيوان كسرى، ومحكمة دمشق، وسرده للحرب العالمية الثانية… وغيره الكثير الكثير.

وهكذا جاءت ذكرياته على نمط عجيب لا يأتي به إلا من عاش تجاربًا عميقة كما قال لنا واصفًا لها:”ما سرت فيها على الطريق المعروف، ولا اتبعت فيها الأسلوب المألوف، فلم تجئ مرتّبة مع السنين، ولا مقسمة تقسيم الأحداث والوقائع، وما كانت تستقيم دائمًا على الجادة، بل تذهب يمينًا وتذهب شمالًا؛ أبدأ الحديث فلا أتمّه، وأشرع في آخر فلا أستكمله، وما أدري كيف احتمل القراء هذا كله مني

وكما قال معبرًا عن كتابته لذكرياته:

الجندي حين يمشي في مهمة عسكرية يمضي إلى غايته قدمًا لا يعرج على شيء ولا يلتفت إليه، ولكن السائح يسير متمهلاً؛ ينظر يمنة ويسرة، فإن رأى منظراً عجيبًا وقف عليه، وإن أبصر شيئًا غريبًا صوّره، وإن مرّ بأثر قديم سأل عن تاريخه؛ فيكون له من سيره متعة، ويكون له منه منفعة. وأنا لا أحب -في هذه الذكريات- أن أمشي مشية الجندي، بل أسير مسيرة السائح”.

قراءتنا لهذه الذكريات.. هي سياحةٌ في فكر الشيخ وعلمه وآثاره. فهل ستكون أيها القارئ جزءًا من هذه الرحلة وتدرك ركبنا؟

شارك الصفحة

سياحة إلى الذكريات قراءة المزيد »

عامٌ من نمير

نمير

في الأول من شهر مارس المنصرم، أكملت منصة نمير عامًا كاملًا منذ انطلاقتها الجديدة عام 2021م، محققة نتائج ممتازة بالنسبة لعامها الأول، وصارت مقصدًا أساسيًا لطلاب الدراسات العليا في المجالات الشرعية، والمجالات المرتبطة بها، مثل اللغة والأدب والثقافة وتحقيق النصوص.

نمير قبل نديم:

ابتداءً من النصف الثاني لعام 2020م، صار الهدف الأساسي لشركة نديم تصميم منصة إلكترونية لبث فعاليتها الافتراضية، والتي نمت ذلك العام تأثرًا بحالة الحجر الصحي حين اعتزل الناس داخل منازلهم بسبب جائحة كورونا.

لكن انتهاء الحجر المنزلي لم يؤثر كثيرًا في أعداد المقبلين على البرامج التعليمية الافتراضية، بل صنع سلوكًا دراسيًا “عنبعديًا” إن صح التعبير، وصار التعلم الافتراضي وسيلة أساسية لكثير من الطلاب والطالبات، خاصة في ظل الصعوبات الكثيرة التي تقف حائلة دون التحاقهم بالبرامج الواقعية.

من أجل ذلك شرع فريق الشركة في التواصل مع الشركات البرمجية المختلفة، لتصميم منصة تلبي حاجات الملتحقين ببرامجها، وتكون في الآن نفسه سهلة الاستخدام.

وفي أثناء اجتماع لفريق العمل أواسط عام 2020م دخل المشرف العام عبيد الظاهري على المجتمعين، وباح لهم بمضمون مكالمة هاتفية تلقاها من مالك إحدى المنصات المعروفة، والذي أبدى رغبته في التنازل عنها لصالح شركة نديم، بشرط تفعيلها، وحينها علت على وجوه الحاضرين معالم الدهشة ومخايل الفرح، إذ كان تصميم مثل هذه المنصة حلمًا بالنظر إلى خبرات الفريق وموارده المتاحة.

لم تكن هذه المنصة غير منصة نمير، والتي كانت متعددة المسارات، وفي مجالات متنوعة، وإن كانت أكثر مساقاتها في مجال خدمة الباحثين.

لكن انشغال المؤسّسَيْن حال دون تطوير المنصة وتفعيلها، وحاولا عدة مرات تفعيلها بطرق مختلفة، حتى قررا التنازل عنها لإحدى الجهات المستعدة لاستثمارها أحسن استثمار، وهو ما تحقق مع شركة نديم.

نمير بعد نديم:

بدأ فريق الشركة استلام المنصة في شهر نوفمبر 2020م، وشرع في تطوير المنصة في نطاقات مختلفة، فأولًا كان لا بد من صناعة رؤية جديدة للمنصة، تحقق أهداف شركة نديم في خدمة طلاب العلوم الشرعية، خاصة في المجالات المهارية التي يحتاجها طلاب وطالبات الدراسات العليا.

ولذا فإن المنصة قد حددت همّها في تمليك أدوات التحصيل المعرفي لدى الشباب، وهو الاحتياج الذي لا تهتم به المنصات التعليمية كثيرًا، والتي تركز على مضامين المواد العلمية، أكثر من مهارات التعلم.

وأعاد الفريق صياغة الصورة البصرية للمنصة، بحيث توحي للمشتركين بالمجال الجديد الذي تستهدفه، والذي تمثل في شعارها الجديد: رواء العلم.

تقدم نمير خدماتها من خلال نافذتين، النافذة الأولى هي المساقات التعليمية، والتي قارب مجموعها 100 ساعة في عام واحد، في عشرات المساقات المختلفة، وبلغ عدد حضورها المباشر أكثر من 7000 آلاف مشارك ومشاركة، أما حضورها غير المباشرة في عامها الأول فقارب الرقم 50 ألف.

والنافذة الثانية هي خدمة الاستشارات الفردية الافتراضية، والتي يقدمها نخبة من المتخصصين والأكاديميين في مجالات متعددة، وتتركز أغلب خدماتهم الاستشارية في المجالات البحثية، أو مجال تصميم الخطط الشخصية للتعلم، وفي بعض الحالات تكون هناك استشارات لحل إشكالات علمية.

تبلغ مدة الجلسة الاستشارية 45 دقيقة، ويقدم الجلسات 30 مستشار من الجنسين، في أكثر من 80 مجالًا مختلفًا، وتحظى أكثر هذه الجلسات بتقييم ممتاز من المستفيدين والمستفيدات.

ولئن كانت هذه الأرقام ذات دلالة على الإنجازات التي حققتها المنصة في عامها الأول، فإن الإنجاز الحقيقي لا يمكن تمثيله في أرقام، فقد فعّلت المنصة كثيرًا من المتخصصين، وساعدتهم في خوض تجارب إرشادية وتعليمية مبتكرة، ساهمت في تنويع جوانب البذل والعطاء والتعليم، خارج السياقات المعتادة، ووسعت من دائرة المستفيدين من علومهم ومعارفهم وخبراتهم.

وربما لا يعرف أكثر المشتركين في برامج المنصة، أن فريقها مكون من شخص واحد، فقد أخذت آلاء الخطيب على عاتقها همّ المنصة، وجعلت من نفسها حلقة وصل بين المتخصصين والمستفيدين، تسعى لابتكار مساقات تعليمية جديدة بالمنصة، وتوسيع دائرة المستفيدين من برامجها، وضم متخصصين كثر إلى قائمة أساتذة المنصة ومستشاريها.

آفاق نمير:

وضعت المنصة من أهدافها صناعة مجتمع للباحثين، يخدم اهتماماتهم العلمية والبحثية، ويسمح بتناقل الخبرات بين أفرادها، وهو هدف لم يتحقق حتى الآن نظرًا لأن المنصة وليدة، ولكن البيئات الافتراضية بشكل عام ما زالت تعاني، فالابتكارات المتاحة حتى الآن لا ترقى لتوقعات العاملين ولا المستفيدين، وهي ثغرة يمكن للعاملين في قطاعات التقنية تقديم حلول مبتكرة لها، تنطلق من واقع احتياجات المؤسسات المحلية.

تسعى المنصة أيضًا إلى تقديم خدمات أكثر تنوعًا للباحثين والباحثات، لتساعدهم على تطوير إمكاناتهم البحثية، وعلى إنجاز أبحاثهم، حيث يعاني كثير من الباحثين والباحثات من صعوبة إكمال أبحاثهم، ويبحثون عن برامج ومجتمعات ومرشدين، يأخذون بأيديهم إلى خط النهاية، قبل أن يغرقوا في لجج التعثر واليأس.

شارك الصفحة

عامٌ من نمير قراءة المزيد »