الإنسان كائن تلقائي

Picture of محسن بن علي الشهري
محسن بن علي الشهري

دكتوراة البلاغة والنقد

مراجعة كتاب الإنسان كائن تلقائي
"أعتقد بإخلاص أنه لو فهم العالم كيف يعمل الدماغ فسوف تحل النزاعات في كل مكان" هنري ماركرام

ميّز الله الإنسان على سائر المخلوقات، بميزة جعلته يتبوأ منزلة رفيعة، وهي ميزة العقل والتفكير، حيث يعد التفكير من أكثر النشاطات المعرفية تقدماً وينجم عنها قدرة الكائن البشري على معالجة الرموز والمفاهيم، واستخدامها بطرق متنوعة لحل المشكلات التي تواجهه، وبذلك يكون التفكير هو النشاط العقلي الذي يميّز الإنسان، وبه يستعيض عن الأشياء والمواقف والأحداث برموزها بدلاً من معالجتها فعلياً واقعياً، فالإنسان كائن مفكر في طبيعته وأصل خلقته التي أُنعم بها بالعقل، إلا أن هذا العقل الذي هو أداة التفكير يكون في مستويات ودرجات، وأن الغالبية العظمى من البشر تلقائيين يعيشون بالمراحل الدنيا من التفكير، وأنهم مقلدين متبعين يقاومون التغيير، هكذا تنتجهم الطبيعة الثقافية، وأن الإنسان متطبع بتلك التلقائية ومحكوم بالأنساق الثقافية عبر العصور الإنسانية، أما أصحاب المستويات العليا من التفكير فهم القلة النادرة والعملة المرفوضة في جميع عصورها التي عاشت بها.

إن التفكير المنطوي على الغالبية العظمى من الأفراد هو التفكير القائم على نمط التفكير العشوائي المعني بالمحاولة والخطأ، والتفكير التقليدي الخاضع للعرف والتقاليد، والتفكير الاعتمادي القائم على التفكير بعقول الآخرين، والتفكير المنطقي المعني بقواعد الفكر وسلامته من الأخطاء المنطقية، لكن هذا ليس كل حين، فالمنطقية التلقائية تختلف بطبيعتها عند المبدعين الذي ينطلق تصورهم من منطلق تفكير فلسفي يقوم على الممارسة الدقيقة للمنطق من بيان الأسباب والعلل التي تكمن وراء الأشياء ومحاولة معرفة نتائج الأعمال، إنه تفكير يهتم بالحصول على أدلة تؤيد أو تثبت وجهة النظر أو تنفيها.

تتعدد أنماط التفكير عند المبدعين وتتفاوت تفاوتا يحقق الغاية المنشودة من الاستثمار الحسن للتفكير، أول تلك الأنماط والتي يتشاركون فيها تشاركا قطعيا هو التفكير القائم على حل المشكلات والحساسية في استشعارها، فالإنسان لا يبدأ بالتفكير إلا إذا صادف موقفاً فيه إشكال، فليس من الفكر ما لا يبدأ بمشكلة وينتهي بحلها، إن التفكير العميق هو النشاط الذهني الواعي لعمليات التفكير التي تأخذ صورا مختلفة لصدق التصور ومن ثم إيجاد الحلول التي تقوم على التفكير العلمي والنقدي الإبداعي المتمثل في مهارات العصف الذهني والطلاقة والمرونة والأصالة والمقارنة والاستنباط والتحليل والتركيب والتقويم واتخاذ القرار.

مراجعة كتاب الإنسان كائن تلقائي

يؤسس المفكر السعودي إبراهيم البليهي لنظرية شاملة عن الإنسان والإنسانية تقوم على تأسيس علم الجهل لتحرير العقل، وأن الحقيقة التي يجب أن نعيها جميعاً، هي أنه لولا الفرديات الاستثنائية الخارقة المبدعة؛ لبقيت الإنسانية عاجزة عن تجاوز الحالة البدائية، الساقطة في مستويات التفكير الدنيا، وأن في قلب الإنسان رواسب ساذجة وسرعة تصديق لا ينضب معينها، كونها محكومة بأنساق ثقافية حتمية تلقائية، وبصورة عميقة وخفية، ومحجوبة عن وعي المحكومين بها، وأن السبب الأقوى والأخطر لهذا التخلف في الفكر والأخلاق – كما جاء في وصف المؤلف – ناتج عن أن العقل يكوّنه ويحتله ويتحكم به الأسبق إليه، بينما أن العلوم قد جاءت متأخرة جداً بعد أن تكونت الكيانات الثقافية التي تتحكم تلقائيا بالعقول في كل الأمم فصار محالاً تغييرها، وعليه فإن التقدم والاكتشافات العلمية لا تتحقق إلا بالانفصال عن التلقائية.

جاءت هذه النظرية في مجلدين مقسمة إلى جزءين، جاء القسم الأول في سبعة فصول، والثاني مثله في سبعة فصول، كلا الكتابين طبعا في عام 2020، من دار الروافد الثقافية – ناشرون، وابن النديم للنشر والتوزيع، بلغ عدد صفحات المجلد الأول 552 صفحة، في حين زاد عنه الثاني بقليل فبلغ 590 صفحة، يحاول المؤلف في كتابيه أن يكشف عن المأزق البشري الأعمق وهو التناسل الثقافي، أي الاستمرارية الحتمية للأنساق الثقافية فالعقل البشري مكبل بالأنساق الثقافية في كل مكان، وأن المسلمات الثقافية التي تتوارثها الأمم؛ قد بقيت حجاباً يمنع تأثير العلوم في العقول لأنها تتطّبع بالأنساق الثقافية منذ الطفولة المبكرة التي تسبق العلم؛ فبقيت العلوم محصورة بالأهداف العلمية والمهنية “فطبيعة العلم غير طبيعية”.

إن من الأهداف المحورية التي ينشدها الكتاب هي استخدام التقنية الفكرية التي تستوجب عدم السماح للتلقائية الساذجة بأن تهيمن عليه، وذلك بأن تمحّص الاستجابة التلقائية على أي مثير قبل أن يقرر القبول أو الرفض، ففي هذه المساحة وحدها بين المثير والاستجابة يمكن للفرد الواعي التدارك والتحقق.

بيولوجيا الدماغ والتلقائية:

لم يأت في الكتابين فصلا صريحا للدماغ إلا الفصل العاشر، وفصلين آخرين جاءت بعناوين مختلفة، عنون الفصل العاشر بـ: “قرن الدماغ وثورة العلوم فيه” جاء فيه أولاً أن كلمة عقل لا تعبر عن شيء بعينه، فهو متداخل تداخلاً عضويا مع الغرائز والعواطف، فهو بمثابة وظيفة أو عملية ليس لها وجود محدد، وأن العقل مصطلح يستخدم لوصف نظام حركة الخلايا العصبية ونقاط الاشتباك العصبي والعمليات الكيميائية التي تحدث للمخ، وبعبارة أخرى نحن عبارة عن مجموعات من الذرات والجسيمات التي يصطدم بعضها ببعض وتتفاعل؛ فنحن مصنوعون من المادة نفسها كبقية الكون، كما أننا أيضا مجموعات من الخلايا البيولوجية التي تمرر الكهرباء والمواد الكيمائية، ونحن أيضا كائنات تفكر وتشعر وتهتم قادرة على التدبر في الأفعال واتخاذ القرارات بشأن كيفية التصرف وهذا ما يميّزنا. ثم بعد ذلك يكشف أن فهم طبيعة الدماغ وإدراك آليات عمله هي التي عن طريقها تُوصل إلى الذكاء الاصطناعي، حيث أسهم صعود التشريح وعلم الجينوم الذي رسم جسد الإنسان على هيئة على صورة الآلة الميكانيكية، المعقدة والمنظمة والمترابطة إنما تدار بالمعلومات التي يحملها الحمض الوراثي، ولذا فإن التعرف على العميق على آليات الدماغ وما يرتبط به من غدد وأجهزة وبقدر ما يكون فهمنا للدماغ بوصفه جهاز العقل، نفهم ذواتنا ونستطيع استثمار القابليات الواسعة المطواعة للدماغ لاكتساب أرفع الكفايات وأنبل الأخلاق وأدق المعارف.

وذكر في طيات الفصل الثالث الذي عنونه بـ: “منظومات هرمونات ودوائر كهربائية تتحكم بالإنسان” أن من مصلحة الإنسان أن يعرف طبيعة دماغه وأن يتعرف على كل النقائص التي تعتري فهمه وإدراكاته، بدل من التوهم التلقائي للمعرفة، في حين أن الدراسات الحديثة كشفت إتاحة المراقبة والتعرف على منظومة العقل وطبيعته، وانفصاله عن الجسد وأنه جهاز شديد التعقيد متعدد الأجزاء متنوع الوظائف، خاضع في نشاطه للنشاط الهرموني والكهربائي، فالدماغ جهاز العقل، والعقل هو محتواه، والمحتوى نتاج ثقافي تلقائي التكوّن، وكل ذلك محكوم بتفاعلات جسدية، فالدوبامين على سبيل المثال هو أحد أهم المواد الكيميائية، فإفراز القليل منه قد يسبب مرض باركنسون، والكثير يصيب بانفصام الشخصية، ولكن عندما تقدر الكمية المناسبة منه فإنه يعطيك إحساس رائع من النشوة والخلاصة أن الحالات النفسية والذهنية والوجدانية والجسدية لكل فرد محكومة بتدفقات هرمونية، وإشارات كهربائية، وبأنماط معرفية؛ كونها الدماغ ذاته بتفاعله مع الواقع بواسطة الحواس.

وعلى ما تقدم فإن الأصل في الإنسان أنه ليس عقلانياً في تفكيره وسلوكه وعلاقاته وأحكامه ومواقفه، إنما هو كائن بيولوجي عاطفي وجداني انفعالي، مما يستوجب أن يتحقق كل فرد من الصواب؛ لأن تلقائيته التي سُبقت إليه مسيطرة عليه، لا يفتك منها إلا بوعيه بها، ومن ذلك بعض الأفكار التي نشعر حيالها بالقلق ما هي إلا إنذارات كاذبة أصبحت جزء من طبيعتنا البشرية كونها مبرمجة مترسخة فينا ورثناها عن ثقافة أسلافنا.

 كما ذكر في الفصل السابع من المجلد الأول تحت عنوان: “ثلاثة نظم للتفكير، نظام التفكير التلقائي يتحكم بعموم البشر” ضرورة معرفة آلية الدماغ، والأجهزة التفصيلية فيه، ومعرفة الفاعليات التلقائية القوية للهرمونات والدوائر الكهربائية ذات الجاهزية الدائمة والاستجابات التلقائية، وما ينتج عن هذه الفاعليات، وأن هذه المعرفة يجب إليها النظر كمعرفة جذرية أساسية ذات أولوية قصوى، وأن تنميتها مرهونة بمعرفة طبيعتها والمثابرة على تحريرها من عوامل الإعاقة الفكرية والوجدانية ومواصلة تنميتها ما أمكن.

أما طريقة عمل الدماغ فبحسب ما يؤكده العالم بول ماكلين بأن الإنسان محكوم بثلاثة أدمغة:

الدماغ الأول: وهو مقر ومنبغ الغرائز الأقدم، وهو يعمل بشكل تلقائي.

الدماغ الثاني: وهو مقر المشاعر وقدرات التعلم، وهو كذلك يعمل بشكل تلقائي.

الدماغ الثالث: وهو قشرة الدماغ وهو مقر القدرات العقلية، وهذا الدماغ لا يعمل تلقائيا بل يتطلب مواصلة التشغيل أما أداة تشغيله في صيرورة العقل فاعلية نقدية فاحصة متسائلة دوما ومتشككة وتدرك لا نهاية الالتباسات؛ فتشغيل الدماغ مشروط بتعلم التفكير النقدي والمران المستمر عليه واعتماده كأسلوب تفكير؛ لئلا يبقى الإنسان في تفكيره وسلوكه منجرفاً تلقائياً مع الدماغين غير المؤهلين للنقد ولا للتمحيص ولا استحضار المسائلة الدائمة.

إن الدماغ بأجزائه الثلاثة هو منشأ العقل والعواطف والغرائز معا، وأنها متداخلة عضويا، وعليه فإن الإبداع ليس له أي علاقة بالعقلانية، إنما هو تفاعلات تلقائية داخل الدماغ وارتباطاته الجسدية، وبمقدار وعي المرء بطبيعته التلقائية قد يستيقظ ويتأمل ويستدرك ويبدع.

الإنسان كائن تلقائي 1

 ثنائية التلقائية والتفكير النقدي:

يُنظر إلى التفكير النقدي أنه تفكير تأملي مركب يدقق ويمحّص ويقوّم كل ما يمر على الحواس أو العقل بهدف الوصول إلى نتائج تتسم بالصدق والموضوعية، ويقوم التفكير النقدي على عدد من المهارات كحل المشكلات والمنطق والكشف عن المغالطات وإقامة الحجج.

ومن هنا فإن المؤلف يصرّح بالمفارقة بين تلك التلقائية والتفكير النقدي، وأن الإنسان كائن مقلّد وليس كائن مبدع، حيث إن الأصل في تفكير الناس وسلوكهم مهما بلغوا من الذكاء هو تلقائية التقليد والمحاكاة والتعوّد والاستمرار في مسارات خطية تحددها أنماط الذهنية والوجدانية القاعدية، والخروج من هذه المسارات لا يحصل إلا بالتفكير الفلسفي النقدي الذي لا يعتقد بأولوية الجهل إنما يعي معضلة توهّم المعرفة، ومن هذه اليقظة يلفت إلى أن التفكير الفلسفي النقدي مغاير لنمط التفكير العام وهو نوع من اليقظة الاستثنائية المفاجئة التي تندلع معها التساؤلات التي تحاكم التصورات السائدة.

وإذا كانت التلقائية في جانب منها مفارقة للتفكير النقدي فإنها في جانب منه مهمة جدا، وهي أن الأنسان كائن مهتم ولذلك يلزم أن يكون منبع الإحساس من الداخل لا من الخارج، فالمعرفة حين تكتسب بالإكراه لا يمكن أن تكون عالقة في الذهن، ولا يكون ذلك إلا بدافع النشاط العصبي المفرط الذي يؤز العقل ويؤرقه نحو التفكير إلى معضلات فكرية عميقة خانقة، يستشعرون من خلالها المشاكل، وهذا النشاط يختلف عن وارد عموم الناس الذي يكون دافع النشاط العصبي هو مخاوف قوية فتلهب نشاطهم ليس في مواجهات فكرية محيرة إنما بسبب مشاكل صحية أو أسرية أو اجتماعية.

إن التفكير النقدي القائم على استشعار المشكلات لا يخلق إلا في ظل الشجاعة الفكرية التي تحرر الفرد من الخوف أيا كان مصدره، وتنتشله عن التيار العام التلقائي، إن هذا التفكير يقود المرء إلى أن يعي المفارقات الفظيعة، إنه إحساس الغربة وسط الجموع التلقائية، وفي هذا السياق ينبغي أن نستثمر أعظم غرائز الإنسان التي قد انحرفت عن مسارها، ألا وهي غريزة الفضول فبسبب الأنماط الذهنية الثابتة في دماغ كل فرد بأنه يعرف (توهم المعرفة) لا يلجأ إلى التحقق والبحث والفحص والتحري.

إن مكمن التفكير النقدي المنشود هو القطيعة مع الحس المشترك والعزلة التي يتخلق فيها الفكر ويتحرر من الجماعة، يقول آينشتاين: “لست آسفا على حرماني من عطف الآخرين، أفقد بعض الأشياء ولكني مقابل ذلك أتحرر من عادات الآخرين وآرائهم ومبستراهم، فأنا لست مستعدا للتضحية بصفاء نفسي في سبيل هذه الترهات”.

التعليم والتلقائية:

بما أن الإنسان كائن تلقائي فإن قابلياته تقاوم الإلزام، فانفتاح العقل لا يكون إلا من داخله وليس من خارجه، فطاقات العقل لا تنفجر من الداخل إلا بشعور الفرد بوجود مشكلة ملحة تتطلب الحل، وهذا يتطلب أن نصنع الأشكلة وإعادتها على الدوام، ولذلك فإن التعليم الجمعي في كل العالم لم يكوّن في الدراسين العقل النقدي، بل عمّق فيهم الامتثال والذوبان في التيار وتطويع الذات مع متطلبات الواقع، ومن المعلوم أن هذا النوع من التعليم لا يغير نظام التفكير بل يكون من أجل العمل أو الوجاهة وهو بذلك يلبي متطلب البقاء الكامن في غريزة الإنسان، فالتعليم الحالي بنهجه العملي والمهني والنفعي معني بتخريج متخصصين عمليين مهنيين في التعليم والطب والمحاسبة والصيدلة والهندسة والطيران وفي المجالات العسكرية وفي مختلف المجالات المهنية والخدمية والوظيفية، وهو بذلك يغرق الجميع بالانشغال بالتخصصات في الدراسة ثم بالعمل المهني، وهذا استهلاك مدمر للفكر وقاض على إمكانياته، يقول آينشتاين: “لا يكفي تعليم الإنسان تخصصا معينا؛ ذلك أنه بهذا التخصص يصير آلة قابلة للاستعمال، إنه بمعارفه المهنية يشبه كلبا عارفا”، والذي يُراد الوصول إليه أن أكثر الناس مهما كان مجالهم العلمي أو التخصص؛ يبقون محكومين بنظام التفكير التلقائي سواء اكتسبوا المهارات المهنية أو العلمية، فذلك التعليم لم ينقلهم من إلى نظام التفكير الفلسفي النقدي، لا سيما أن علم النفس توصل إلى أن الرؤية التي بنيت على شحن أذهان الدارسين بمختلف المعلومات لا تكسبهم القدرات أو المهارات، بل إن هذا الخليط المتمايز والمتنافر ليس أكثر من كم من المعلومات حُشرت في الذاكرة قسرا سرعان ما تنسى، وذلك على خلاف ما يجب أن يُعلم بأن المعرفة الحقيقية ليست سوى مضامين جوهرية من استوعب قليلا منها استطاع من استيضاح العناصر المتطابقة المتعلقة بتلك المضامين في جميع المسائل الأخرى.

إبراهيم البليهي
إبراهيم البليهي

ويوضح البليهي في هذا المسار أن هناك خلطا شديدا بين الاختراقات العبقرية والبحث العلمي، فالمنهجية في البحث العلمي لا تخلق أفكارا وإنما هي وسيلة للتحقق من الأفكار الخارقة بعد بزوغها من عقل عبقري متقد بالاهتمام التلقائي القوي المستغرق، فلم يستخدم نيوتن وآينشتاين منهجية للوصول إلى الاختراقات النوعية العظيمة، وعلى ذلك يجب أن يبتعد التعليم عن التفكير الخطي الذي يقدم العلوم كمسائل نهائية وخلاصات وقوانين، ويُنظر إلى التعليم أنه يتطور ويتبدل، فالعلم يقوم بعمليات تصحيح مستمرة فهو يعبر عن نفسه كمقاربات وليس كحقائق نهائية.

وفي نهاية هذه المراجعة التي لا تغني عن قراءة الكتاب، أسوق مقولة المفكر إبراهيم البليهي التي سجلها في مقدمة كتابه حيث يقول: “إن هذا الكتاب يمثل الأساس النظري لمشروع شامل عن علم الجهل صدر منه حتى الآن كتاب (الريادة والاستجابة) و (عبقرية الاهتمام التلقائي) و (حصون التخلف) و (بنية التخلف) ومئات المقالات، إن التفكير في المأزق البشري قد استغرق كل حياتي وأخشى أن تبقى الأفكار التي قصدتها دون تفاعل مثمر، إنها معضلة مزمنة”.

شارك الصفحة