في حِوارٍ جديد تحدثنا مع ضيفتنا أ. عائشة العقيل المديرة التنفيذية لجمعية كون النسائية للرّيادة الشبابيّة حول أهدافِ الجمعية وإنجازاتها ومبادراتها النوعية، مثل برنامج “كون وكتاب” الذي يسعى لتعزيز ثقافة القراءة وصناعة قادة ملهمين. كما ناقشت التحديات التي تواجه الجمعية وسُبل التغلب عليها، مع استعراضٍ لتجربة المستفيدات وتأثير البرامج عليهن في مختلفِ جوانب حياتهن الشخصية والمهنية. من خلال هذا الحوار، نستكشف كيف استطاعت “كون” بناء نموذج ريادي يلبي احتياجات الفتيات في الجوانب النفسيّة والاجتماعيّة والقيميّة، ويعزّز أدوارهن القيادية ضمن بيئة مجتمعية متجددة وواعدة.
نترككم مع الحوار.
كيف تأسست ونشأت جمعيّة؟
تأسست جمعية كون النسائية للرّيادة الشبابية عام 1440ه، على يد أستاذات خبيرات في المجال التربوي، وفي التخصص التربوي؛ وامتدادًا لخبرتهم وعطائهم في الندوة العالمية للشباب الإسلامي، برزت وجاءت فكرة جمعية “كون” النسائية.
بعد مرور هذه السنوات، هل وجدّتم الأهداف المرجوةِ التي خططتم لها عند التأسيس؟
للجمعيّة عادة أهداف فرعية وأهداف استراتيجية بعيدة المدى؛ الأهداف الفرعية أو الأهداف قصيرة المدى تأخذ عادةً مؤشراتها أو نجاحها بعد انتهاء البرنامج مباشرة، لكن الأهداف الاستراتيجية بالطبع بعيدة المدى؛ ومِن ثَمَّ فهي تشكّل رؤية أساس الجمعية ورسالتها في صناعة قيادة شبابية بدأت تظهر الأهداف وتتشكل في الشخصيات القيادية في مخرجات برامج الجمعية. في أهدافنا الاستراتيجية نركز على تعزيز الشخصية الإيجابية وصناعة القيادات الشبابية، وتمكين الفتيات من إدارة البرامج المجتمعية. على سبيل المثال برنامج “نقش”، مستفيدات البرنامج الآن قادرات على قيادة فريق عمل وقيادة مبادرات مجتمعية، إضافةً إلى التغير الذي نلمسه في السلوك وفي مفاهيمهم وتغير أيضًا في مفهومهم للقيم وتأثيرها عليهم بشكل خاص أو بشكل أوسع تأثيرهم على الأسرة وتأثيرهم على المجتمع من حولهم؛ ومِن ثَمَّ انعكس على ممارساتهم في المجتمع وفي بيئات العمل لديهم.
كيفَ رأيتِ الإقبال على الجمعية من قِبل الفتيات؟
الإقبال -اللهم لك الحمد- جيد لكون برامج نوعية ومميزة وذات طابع مختلف يغطي عدة جوانب في شخصية الفتاة، إذ يركّز على الجوانب كافة، الجانب القيمي والجانب النفسي والاجتماعي، ودون القصور كذلك حتى في الجانب الصحي أو الجانب البدني، إضافة إلى الجانب الترويحي وتغذيته بشكلٍ مباشر، كون برامج الجمعية تغطي احتياجات الجوانب الأساسية لدى الفتاة. وما زال الإقبال جيدًا عندنا على البرامج. ورغم أنه يوجد انفتاح أكثر وتوسع أكبر وانتشار في الجمعيات وفي الأنشطة؛ فإنَّ برامج كون تظل متميزة وتحظى بإقبال على برامجها.
برنامج “كون وكتاب” هو أحدُ برامج جمعية كون، لماذا القراءة تحديدًا في جمعية تستهدف صنع القادة؟ وهل هُناك صِلةٌ بين القائد والقراءة؟
من أهم صفات القائد القراءة، وما في شك أنَّ القراءة من أهم المعايير الأساسية التي تدل على نهضة الأمة، والأمة التي لا تقرأ لا يتوقع منها أن تبني حضارة؛ فالقراءة تغذي الروح والعقل. القراءة ليست هواية لكنَّها ضرورة وأمر لا بُد منه إذ إنها تبني العقل والفكر وتؤثر في قيم الإنسان وسلوكه وتنمي مداركه. ومن هنا فالإنسان يكتمل وعيه. ويركز برنامج كون وكتاب على القراءة المكثفة؛ البرنامج كل شهر لكن فيه مواسم، والموسم الواحد ثلاثة أشهر، يركز على مفهوم واحد وموسم واحد في مجال معين؛ ما يعطي عمقًا أكثر لقراءة الكتاب والإفادة منه؛ ومِن ثَمَّ اللقاء يكون فيه إثراء واستماع لوجهات نظر مختلفة. أيضًا ينمي مهارات النقد البنّاء إذ يوجد نقاش حول الأفكار المطروحة في الكتاب وتغذيتها وإثراءها من جوانب متعددة واختلاف الأشخاص الحاضرين واختلاف وجهات النظر يثري ويوسع المدارك ويفتح لهم آفاقًا أوسع تنمي مداركهم وتنمي أيضًا عندهم مهارات النقد وتحليل المادة المكتوبة، فليست قراءة إنهاء عدد معين من الصفحات وحسب.
أكملَ برنامج كون وكتاب سنتين أي إنَّه مستمر والمستفيدات من البرنامج يزددن ويتجددن، مع وجود مجموعة مستمرة في البرنامج منذ سنتين نمت عندهم مهارات في انتقاء الكتب وفي اختيار الكتب. ربما يكون الكتاب في مجال معين مؤلف بالعربية أو مترجم؛ هذه المهارة تكتسب مع الوقت ومع القراءة ومع تقبُّل الأفكار وتقبل النقد وتقبل وجهات النظر المختلفة. ومِن ثَمّ نركز على القراءة لأنَّ القراءة تنمي مدارك الإنسان بشكل مباشر، والقارئ الجيد لا بُد أنْ يكون عنده جانب يركز على القراءة فيه وتنميته وتطويره.
كيف كان تفاعل المشاركات مع برنامج كون وكتاب؟
التفاعل ملموس وانطباعاتهم بعد كلّ لقاء تُثري مجموعة الواتساب في جوال الجمعية، إذ يكون فيها حماس للموسم القادم أو للكتاب القادم. ومن المجموعات التي تحضر يصير فيه تطرق إلى موضوع معين، كأن تقرأ إحدى المستفيدات كتابًا وتطرحه على المجموعة، هل ممكن هذا الكتاب نقرأه هذا الكتاب أفدت منه في هذا المجال… فقد صار لهنَّ دورٌ أساسي في التشارك وفي التخطيط وفي اختيار الكتب وانتقائها. فلدينا جو من الألفة والحميمية بين المشاركات أنفسهن لأن المجموعة مثل ما ذكرتُ مستمرة فصار فيه قبول بينهم بوجهات النظر والتعبير عن الآراء والأفكار، وصار فيه تغيير حتَّى في السلوكيات وفي المفاهيم وتقبل وجهات النظر المختلفة.
مع تعدد الأنشطة في الرياض وكثرة الجهات والوسائل الشاغلة، كيف تصِلون للفتيات والفئة المستهدفة لكون؟
على كثرة الأنشطة والفعاليات المتنافسة، لكن يظل لكون طريقتها الخاصة في الوصول إلى مستفيدات كون ومن يرغبن بهذا الطابع المختلف والمتميز في البرامج. نحن عادة نستخدم قاعدة بيانات مستفيدات الجمعية وكل من تحضر لقاء تؤثر بشكل أو بآخر على المحيط من حولها للانضمام لبرامج الجمعية، كذلك نستخدم طريقة وسائل التواصل الاجتماعي لتويتر والإنستغرام، وهذه السنة أنشأنا قناة كون لمتابعة جديد برامج الجمعية، وكذلك نركز الآن على الوصول الفئة المستهدفة اللي هم الفئة الجامعة والوصول لهم في مقراتهم، وفِي أماكن دراستهم يسهل علينا تغطية شريحة مجتمعية أكبر من استقطابهم لمقر الجمعية.
ماهي التحديات التي تواجه جمعيّة كون وكيف تتغلب عليها؟
لا يوجد عمل كامل فالكمال الله وفعلًا سواء كانت جمعية كون أو باقي الجمعيات أو باقي بيئات العمل في تحديات لا بد أنَّها تؤثر على العمل بشكل أو بآخر؛ لكن نحاول ألّا تؤثر التحديات على جودة البرنامج أو في نوعية البرنامج؛ لكن ثمّة نقطة نؤكد عليها فكرة النمط الاجتماعي الآن،طبيعة أوقات الدوام، الازدحام المروري في الرياض، يؤثر بشكل أو بآخر على التفرغ الذهني والتفرغ لحضور البرامج، إضافة إلى أن الفئة المستهدفة عندنا للجمعية إمّا أنَّها تكون طالبة جامعة أو موظفة في بداية سلكها الوظيفي أو أمًّا جديدة أو في بداية حياتها الأسرية؛ فِي هذا الجانب جميع الفئات هذه الثلاثة أو الأربع كلهن يحتجن إلى برامج تروّح عن النفس وتعتبر لهن مثل المتنفس ويكون فيها أيضًا جانبٌ تطويري وجانبٌ قيمي يضيف لهنَّ على الرغم من ارتباطاتهم المهنية أو ارتباطاتهم الاجتماعية، ومِن ثَمَّ نحن صراحة نحاول نركز على اختيار وانتقاء مواعيد البرامج اللي تقدَم والنظر في هذا الموضوع سواء كان في الإجازات أو في المواسم أيضًا. نركز على أن نقدم البرامج عادة في نمط المخيمات التي تكون في إجازة نهاية الأسبوع بحيث أن البرنامج يقدم بشكل متكامل، مخيم مثلًا تقدم فيه المحاور بشكل مترابط بحيث أنَّ المستفيدة عندما تقرر الحضور يكون في وسعها أن تفرغ نفسها لمدة يوم تحضر لقاء متكامل، تخرج منه بفائدة مكثفة، يكون فيها ربط بين المعلومات، يكون فيها تكامل، يتشكل عند المستفيدات جو من الألفة، ويكون فيه تغيير عن نمط البرامج التي تقدم عادةً بنمط الساعة والساعتين. طبعًا ما زالت فيه برامج في هذا الجانب لكن نحن نحاول أن نغطي جوانب بحيث أننا نصل إلى أكبر فئة مستهدفة من الفتيات.
ختامًا: نشكر لكم حرصكم واختياركم وانتقاءكم لجمعية كون ونسأل الله لنا ولكم يا رب دوام التوفيق والسداد ولجمعية كون مزيدًا من التقدم والتمييز… وكون أُفق الرحب، رحب في مجالها في برامجها في مستفيديها، ولكلّ من يحب كون وأعجب بكون شكرًا لكم على حسن الاستضافةجزاكم الله خيرا.